محمد يوسف العزيزى
الرئيس والنخبة وشبه الدولة !
قال الرئيس السيسي : ( إحنا مش في دولة حقيقية.. طلوا على بلدكم صحيح .. دى أشباه دولة مش دولة حقيقية ).
وقبل ذلك في بداية الخطاب قال ( اللي وقف يوم 3 / 7 / 2013 ما يخفشي ، واللي قال في مايو 2013 هتخدوا البلد لنفق مظلم ما يخفشي ، واللي قال لا لقوي الشر في الداخل والخارج ما يخفشي ).
قال الرئيس ذلك في الفرافرة وهو يعطي شارة البدء لحصاد قمح 10 آلاف فدان .. باكورة مشروع زراعة مليون ونصف فدان في الوقت الذي كان فيه قلب القاهرة يعيش أزمة – غير حقيقية – بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية وصلت إلي نقطة حرجة وطريق بدا مسدودا بسبب سقف المطالب العالي وعناد من الطرفين أغفل حالة الوطن الذي يقف علي صفيح ساخن منذ يناير 2011.
قامت الدنيا ولم تقعد عند البعض من النخبة الذي يجيد اصطياد بعض الكلمات وينزعها عن سياقها أو يرفض تفسيرها وتأويلها مع السياق العام للخطاب والظرف الذي قيل فيه لخلق حالة من البلبلة أو التشكيك عند الرأي العام ، أو إفساد فرحة الإنجاز في مشروع كبير يتعلق بالغذاء ، أو إرسال رسالة سلبية عن إدارة البلاد للخارج الذي يناصب مصر العداء !
أحد النخبة قال : ( الرئيس لم يذكر أزمة الصحفيين في خطابه بما يعني أنه ليس مهتما بالصحافة وحرية التعبير .. ) الأخ النخبوي ترك كل الإنجاز وركز في كلمة الرئيس عن أزمة النقابة ، وهو يعرف أن الرئيس لا علاقة له بالأزمة وليس طرفا فيها خصوصا بعد أن طلب منه مجلس النقابة تقديم اعتذار .. النخبوي لا يهتم بغذاء المصريين ويهتم بحرية الرأي التي لا وجود لها في الأزمة !
نخبوي آخر قال : الرئيس بعث رسالة للصحفيين يقول لهم فيها أنا مبخفشي .. وهذا يعني أن الرئيس لا يقدر الصحافة والصحفيين ، ورد علي كلام الرئيس قائلا : وإحنا كمان ما بنخفشي .. ! فرد عضلات لا محل له وسطحية تفكير وبحث عن شو بعد انحسار الضوء !
أما التعليق علي كلمة ( شبه دولة ) فحدث ولا حرج .. صال فيها وجال مثقفون ونخب من العيار الثقيل ونسوا أنهم من كانوا يقولون عن مصر أنها ليست دولة ، وقالوا عن الفساد والرشوة والمحسوبية والعفن الحكومي والترهل الإداري وغياب القانون والانحطاط الأخلاقي ما لم يقله أحد من قبل ، وهم من قالوا أن دولة مبارك كانت آيلة للسقوط بعد أن تم تجريفها ، وهم من قالوا عن فشل التعليم والصحة وتراجع دور مصر في المنطقة ، وهم من قالوا عن البطالة وتدهور مهارة العامل المصري وغياب قيمة العمل ، وأن المصري لا يعمل في يوم عمله أكثر من دقائق معدودة !
هل جاء الرئيس بجديد عندما قال ( إحنا مش في دولة حقيقية ) أم أن هذا كان كلام النخبة والمثقفين ، والسؤال الأهم لماذا قامت ثورة في يناير طالما كنا في دولة حقيقية ودولة قوية ؟ ولماذا تدافعون عن ثورة يناير بهذه القوة وعن انجازاتها إن كان لها إنجاز حتى الآن غير فوضي الحرية وحرية الفوضي !
الرئيس عندما قال أنا ما بخفشي .. كان يقولها للخارج الذي فرض علينا أن نظل تحت رحمته ونستورد منه طعامنا ، قالها وهو يحصد القمح الذي يعطينا استقلالية القرار .. كان يقولها لأعداء الداخل الذين يتمنون ركوع مصر .. لكن الجهلاء تصوروا أنه يقولها للإعلام والصحافة .. قصر نظر وغياب بصيرة من المثقفين والنخبة ومن يدعون أنهم يقودون الرأي العام !
الرئيس عندما قال ( شبه دولة ) كان يعنيها ويعرف كيف يجعلها دولة قانون ودولة فيها بنية أساسية قادرة علي الحياة .. لكن النخبة استدعت التاريخ القديم وهي محلك سر لا تتحرك ، والحديث عن حضارة لا نستفيد منها هو حالة عبث .. الفرق بين من يجيدون الكلام ومن يجيدون العمل كبير وعظيم وكلاهما واضح وضوح الشمس في كبد السماء .. وتحيا مصر.