المصريون
محمد رسلان
كلية الطب (قسم الفن والفلسفة) ممكن (2)
هل دراسة الفلسفة و الفن والأدب في كليات الطب أهم في الأولوية؟ أم دراسة ظاهرة الطب غير التقليدي الذي ذكرناه وغيره من الممارسات العلاجية الغريبة جدًّا على طلبة الطب بل على أساتذته، فالجميع لم يدرسوه ولم يكن يوم من الأيام ضمن المقررات الدراسية. ولذا فالأطباء باختلاف درجاتهم العلمية ومؤهلاتهم الدراسية يفتقرون لمعرفته ناهيك عن فلسفة ومنطقية العلاج بهذه الممارسات رغم شيوعها و انتشارها كالنار في الهشيم في العالم أجمع، وقد أصبح لها مراكز متخصصة والهوة بينها وبين الطب التقليدي في اتساع مستمر . ولقد سألت الوالد الفاضل أستاذ الأستاذة الدكتور تحسين الحديدي طب القاهرة وكان محاضرًا في المؤتمر الثامن لأطباء الروماتولوجي العرب الدوحه سنة 2008 عن هذه الممارسات وعلاقتها بعلاج الأمراض الروماتيزمية والآم مجهولة السببية. فأجاب الأمر يحتاج إلى بحوث علمية، فكان السؤال الثاني وهل يمكن بحثها؟ فقال: ولم لا؛ ولكن أين الباحثين ؟ الأهم في الموضوع من الناحية الفلسفية هو علاقة الدين بهذه الممارسات فالحجامة على سبيل المثال ذكرت في الأحاديث النبوية الشريفة. والحجامة والفصد ليست بِدع مختلقة بل هي موروثات علاجية مذكورة في كتب تاريخ الطب القديم، وفلسفة العلاج بها هي إخراج الدم الفاسد من الجسم. ولا شك أن هذا المنطق الفلسفي وهو إخراج الدم الفاسد من الجسم يرجع إلى فلسفة الأخلاط الأربعة التي كانت شائعة قديمًا ( العصارة الصفراوية والبلغمية والسوداوية والدم) فالدم كان يعد من الأخلاط، ولذا فإذا مرض المريض وجب إخراج الدم . ولا شك أن هذه الفلسفة قد مُحيت بسبب التقدم العلمي ومعرفة الناس بحقيقة جسم الإنسان الدامغة، فلا مجال هنا إلى الفلسفة. ولكن النقطة الفلسفية هنا لماذا ذكرت (الحجامة ) في الحديث الشريف دون الفصد ، والأخير منتشر جدًا حتى يقال إن الرئيس جورج واشنطن عالجه الأطباء بالفصد وسحبوا منه دم لثلاث مرات، وقيل أنه مات بسبب العلاج بالفصد وليس بسبب المرض . ومن دراستي وجدت أن النبوة لم يذكر فيها إلا ما ورد فيه خلاف بين الأطباء أوعدم قدرة الأطباء على فهم حكمة وفلسفة العلاج بها مثل الحجامة في زماننا الحاضر و ما ورد في علاج الحمى قديمًا، فمنذ زمن جالينوس وإلى زمن الرازي ولعهود قريبة جدًا كان الأطباء يحذرون من وضع الماء على المريض المصاب بالحمى لخشيتهم أن ذلك يطفئ الجزء الناري الموجود بالجسم (حسب فلسفة تكوين جسم الإنسان من أصول أربعة التراب والماء والهواء والنار ) وإشارة النبي تخالف فلسفة الأطباء اختلاف جذري. فالأطباء فلسفتهم مبنيه على تجاربهم واجتهاداتهم أما قول النبي فمردها إلى حكمة النبوة . والأمر ليس مقصور على الحجامة وعلاقتها بالدين؛ ولكن هناك ممارسات علاجية أخرى لها جذور دينية مثل اليوجا " فهي مجموعة من الطقوس الروحية القديمة - كما أن الهندوسية تناقش العديد من جوانب اليوجا" ( نقلا عن ويكيبيديا ) . وقد أقرت الأمم المتحدة يوم عالمي لممارسة اليوجا وذكرت الأنباء إن " بعض المنظمات الإسلامية التي تقول إن اليوغا هي في الأساس ممارسة دينية هندوسية وتتنافى مع الإسلام" (نقلًا عن موقع بي بي سي ) . والإيروفيدا حالها مثل اليوجا فقيل أنها " تختص بالأساس الجسدي المادي للحياة، وتركز على التناغم بينه وبين العقل والروح" ( نقلا من وقع ويكيبيديا) ولبس إسورة المعصم لها أصول في ديانة السيخ وقد سنحت لي الفرصة لأسأل وأناقش بعض الهنود عن (إسورة المعصم التي في أيديهم ) فأكدوا لي إن لها أصل في ديانتهم شأنها شأن العمامة واللحية المميزة لهم . وقد لفت انتباهي كثير من المرضى في عالمنا العربي الذين يلبسون هذه الإسورة وسألت أكثر من مريض فقال إنه يلبسها لتخفف ألآم المعصم أو الذراع أو الأكتاف . ألا يستحق كل ذلك التأمل والفكر والمناقشة والدراسة أم أن الفلسفة والأدب والفن أولى؟

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف