المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. الأرض لو عطشانة
لم يكن أحد في مصر يتصور أن الأرض سوف تعطش في يوم من الأيام.. لذلك قالت أغنية فيلم "الأرض" الشهيرة: الأرض لو عطشانة.. نرويها بدمانا.. ولو كما تعرف حرف امتناع لامتناع.. فالأرض لا يمكن أن تعطش - ولو عطشت نرويها بدمائنا.. الأرض غالية.. هي مصدر الرزق ومصدر الحياة.. والعطش موات.. وموتنا أهون من موت الأرض.
ثم جاء اليوم الذي عطشت فيه الأرض .. صرخت.. وتألمت.. وصرخ أهلها وجأروا بالشكوي وهم يرونها تموت أمام أعينهم.. فلا زرع ولا خضرة ولا حصاد.. كيف تكون الحياة إذن؟!
قالت "الأهرام" يوم الاثنين الماضي ان العطش وأزمة نقص مياه الري تسببت في بوار 40 ألف فدان أرز في قري مركزي أولاد صقر وصان الحجر بالشرقية.. نعم 40 ألف فدان.. حيث استمرت الأزمة منذ أكثر من 15 يوما علي التوالي لم تصل مياه الري إلي هذه الأراضي مما دفع الأهالي إلي قطع الطريق العام أمام قرية قصاصين الازهار وتعطيل حركة المرور للمطالبة بايجاد حل للمشكلة.. خاصة بعد أن اضطر عدد من المزارعين إلي استخدام مياه الصرف في الري لتزداد المعاناة مع ما يواجهونه من نقص الأسمدة وارتفاع اسعار المبيدات ومشكلات توريد القمح وضعف العائد المادي.
في نفس اليوم نشرت "المصري اليوم" تقريرا موسعا بعنوان "الأراضي الزراعية بالمحافظات تشكو العطش.. تظاهر العشرات بالدقهلية احتجاجا علي بوار أراضيهم.. والتشقق يصيب أراضي دمياط.. وتحت هذا العنوان قال التقرير إن العشرات من فلاحي منطقة "حفير شهاب الدين" تظاهروا أمام مبني محافظة الدقهلية مطالبين بحل مشكلة نقص مياه الري التي تسببت في موت زراعة الأرز بأراضيهم.
وفي دمياط شكا عدد من أهالي قرية "المحمدية" من تشقق أراض تمت زراعتها بالأرز علي نحو يهددها بالبوار.. وفي الإسماعيلية غابت مياه الري عن أراضي شرق البحيرات بمنطقة القنطرة شرق منذ نحو 20 يوما.. وفي سوهاج قال محمود عبد العزيز أحمد "مهندس زراعي" إن الزرع مات في عدد من مناطق المحافظة.
وعلي مدي الأسبوع الماضي تم بث مقاطع مصورة "فيديو" علي مواقع شبكة الانترنت لرجال وسيدات يبكون بالدموع وهم واقفون علي أرضهم التي تشققت من العطش وجدبت من قلة الماء.. يطلبون العون والمساعدة حتي تعود الأرض الميتة للحياة.. وتصرخ احدي السيدات.. أرضي ماتت.. اين ذهبت مياه الري ياناس؟ كيف سنعيش؟ ومن اين سنأكل أنا وأولادي.. زوجي مات.. وليس لنا إلا الأرض نزرعها ونأكل من خيرها.
كل هذه المآسي رأيناها أمام اعيننا.. وتابعناها بحسرة.. ومع ذلك لم تكلف الحكومة خاطرها باصدار بيان يوضح اسباب أزمة نقص المياه.. والإجراءات التي اتخذتها أو ستتخذها لمواجهة الكارثة التي حلت علي الأرض وعلي الفلاحين.. ثم إذا كان الأمر علي هذا النحو كيف ستجد المياه اللازمة لاستصلاح مليون ونصف المليون فدان؟
وإذا كان هذا وضعنا الآن قبل أن تبدأ اثيوبيا في تشغيل سد النهضة وملء الخزان.. فماذا سنفعل بعد عام أو عامين من الآن.. وهل أعددنا انفسنا لمواجهة الكارثة القادمة.. وهي كارثة محققة رغم التصريحات الوردية لوزير الري؟!
وبالمناسبة... هل عندنا الآن وزير للري؟!.. وأين صوته فيما تعانيه اراضي مصر اليوم من عطش وموات؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف