أمام ملايين المواطنين وعلى الهواء مباشرة فى مدينة بدر وأثناء افتتاحه لبعض المشروعات قال الرئيس السيسى لوزير النقل لا نريد قروضاً تحمّل الأجيال الجديدة أعباءً كبيرة، وشدد رئيس الجمهورية على عدم اللجوء إليها إلا للضرورة القصوى ومعرفة كيفية سدادها، ورؤية الرئيس أن القروض لا تبنى ولا تحقق تقدماً، بل تدمر الصناعة الوطنية وتستهلك العملة وتساهم فى زيادة البطالة، فالدولة المقرِضة تشترط شراء منتجاتها وخبرتها بأموال القرض، والرئيس السيسى يفضل الاستثمار والتصنيع المحلى الذى يوفر العملة والخبرة، ولكن بعد أيام قليلة من تعليماته فوجئنا باللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء توافق على قرض لشراء 780 عربة درجة ثانية وثالثة للسكة الحديد، وآخر لإنشاء محطة متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية، ولأننى كنت شاهداً على بعض الوقائع الخاصة بهذين المشروعين فإنه من واجبى توضيح الحقائق التالية؛ مصر الآن ليست فى حاجة ضرورية للاستدانة من أجل شراء عربات للسكة الحديد لا توجد لها جراجات ولا خطوط جديدة لاستيعابها، بل هناك حالياً 24 قطاراً vip تضطر الهيئة إلى تشغيلها فقط لحمايتها من السرقة، كما أن الدولة مؤخراً وبتعليمات من الرئيس شخصياً جددت الأسطول الحالى بتكلفة تتجاوز 3 مليارات جنيه فى ورش السكة الحديد والهيئة العربية للتصنيع والمفروض الاستفادة منها لمدة 4 سنوات حفاظاً على المال العام وموافقة الحكومة على الاقتراض لشراء عربات من المجر (صناعتها رديئة) سوف تدمر الصناعة الوطنية لأن د. سعد الجيوشى، وزير النقل السابق، كان اتفق مع دولة لاتفيا لنقل مصانعها إلى مصر بـ(khow how)وباستثمارات أجنبية بالكامل لن تكلف الدولة جنيهاً، بل توفر العملة وتشغل 90 مصنعاً آخر مغذياً وآلاف العمال، وكان مقرراً توقيع الاتفاق مع وزير النقل اللاتيفى فى أبريل الماضى، ولكن التعديل الوزارى كان أسبق، واليوم يتم إلغاء المصنع لصالح صفقة استيراد قطارات تكلفنا على الأقل 10 مليارات جنيه قروضاً، كما أن السكة الحديد حالياً لا تساهم بأكثر من 2% من حجم نقل الركاب، بمعنى أنه لو اضطررنا لوقف القطارات تماماً لحين إصلاح حالها فلن تموت مصر بل سوف نوفر عشرات المليارات فى هذا القطاع الخاسر بسبب فشل إدارته وليس نقص عرباته.
المشروع الثانى وهو إنشاء محطة متعددة الأغراض فى ميناء الإسكندرية وهو قرض صينى كان ألغاه «الجيوشى» وطرحه للاستثمار بين البنوك والشركات الوطنية مثل إسكندرية للحاويات ودمياط للحاويات وبورسعيد للحاويات وشركات مصرية كويتية وأخرى دولية تلهث لتنفذه باستثمارات بعيداً عن الاقتراض البغيض، الذى يصل إلى ٧٥٠ مليون دولار فى مشروع ٧٥٪ منه خرسانات وأعمال إنشائية يجيد تنفيذها المصريون، «الجيوشى» ترك فى وزارة النقل خطة استثمارية 1000 مليار جنيه يجب الاستفادة منها لأن الدين العام الداخلى والخارجى وصل إلى مرحلة الخطر والحل هو الاستثمار والابتعاد عن الاقتراض.
فهل مافيا القروض تتحدى الرئيس؟ وهل هى أقوى من الحكومة حتى تلغى المشروعات الاستثمارية وتحولها إلى قروض؟ وتلغى التصنيع المحلى وتستبدله بالاستيراد؟ الرئيس السيسى الذى تبرع بنصف راتبه وثروته للبلد ويطالب المصريين بالتبرع برسالة بجنيه يعلم جيداً حجم التحديات والمؤامرات التى تواجهه بالداخل والخارج، ويدرك أن الذين فشلوا فى تدمير مصر عسكرياً يسعون إلى تركيعها اقتصادياً من خلال إغراقها بالقروض والديون فهل نستسلم لذلك؟
اللهم احفظ مصر..