الوفد
عصام العبيدى
إشراقات.. سيدة المنيا.. وغياب الدولة!!
عندما نقول ﻻ توجد دولة فى المنيا.. فنحن لا نبالغ ..لان مفهوم الدولة - أى دولة - إنما يعنى ثلاثة اشياء شعب .. وارض.. وسلطة!!
فإذا اختل أو اختفى.. أى طرف من أطراف المعادلة الثلاثة.. لا تستطيع الحديث عن وجود دولة!!
وهذه بالضبط ما حدث بالمنيا.. وتحديداً بقرية الكرم بمركز أبوقرقاص.. والتى شهدت ابشع جريمة فى تاريخ مصر..بتعرية سيدة مسنة يتجاوز عمرها السبعين عاما.. وسحلها عارية فى شوارع القرية.. وتجريسها بزفة من اطفال ورجال ونساء القرية.. كل ذلك انتقاماً منها.. على خلفية اتهام شاب مسيحى.. بإقامة علاقة آثمة مع سيدة مسلمة.. بل ووصل الأمر نفسه إلى حد إحراق سبعة منازل من القرية تخص المسيحيين!!
المشكلة هنا ان المنيا منذ زمن طويل.. سيطرت عليها التيارات السلفية وعناصر إخوانية..وكلها عناصر بشرية.. ﻻ تعرف مبدأ المواطنة.. ونسوا تماماً كلام رسول الإنسانية عليه افضل الصلاة والسلام.. والذى قال �من آذى ذميا فقد آذانى�.
بل ونسوا ان للمسيحى حقوقا.. ﻻ تقل خردلة عن حقوق شقيقه المسلم..لأن الكل أمام القانون سواء!!
ولعل هذا هو السبب.. فى ان المنيا شهدت إحراق أكبر عدد من الكنائس على مستوى الجمهورية.. عقب ثورة 30 يونيو وخلع الإخوان!!
ونظراً لغياب الدولة.. واختفاء معالمها فى المنيا.. لذلك سادت المجالس العرفية.. التى تحكم بتهجير أسر كاملة من المنطقة.. لمجرد أى خطأ فردى يقع من أحد المنتمين لهم.. يعنى أسرا عديدة.. قد تتعرض لمصادرة الممتلكات.. وإحراق ديارهم.. والتشريد من موطنهم.. بسبب خطأ مراهق أو مراهقة!!
وللأسف تركت الدولة لهذه الجماعات السلفية.. حل مشاكل البلد بعيداً عن الشرطة والقانون.. بل إن الدولة استكانت لهذا الوضع المزرى.. فأصبح الشيخ فلان أو علان.. هو الحاكم الفعلى للبلاد.. والمسير الحقيقى لأمور العباد!!
كل ذلك حتى تأمن الدولة شرهم.. وتضمن الهدوء فى ربوع المحافظة.. حتى لو جاء ذلك على حساب مصلحة المواطنين.. سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين!!
لذلك.. عندما اقول غابت الدولة فى المنيا.. فهذا الكلام لم يأت من فراغ.. وإنما من خلال مئات الوقائع المشابهة.. لقصة تعرية السيدة المسنة.. وإن كانت لم تصل أبدا لمثل هذا الجرم البشع.. والذى تأباه الأخلاق.. وترفضه كافة الأديان.. ويمثل عارا كبيرا.. سيلحق بالبلد حتى قيام الساعة!!
لذلك أقول لا حل لمثل هذه الأزمات.. إلا بإعمال القانون على الكبير والصغير.. فكلهم مواطنون بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين.
وهو ما يعنى تماماً.. عودة السلطة ومن ثم الدولة.. إلى محافظة المنيا. لأن السلطة هى العنصر الثالث الغائب.. من عناصر وجود الدولة فى المحافظة المنسية!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف