المساء
أحمد سليمان
في حب مصر .. نجوم هَوَت .. فهمي هويدي نموذجاً
في تسعينيات القرن الماضي كنا نتخذ بعض الكتاب الصحفيين والمفكرين نموذجاً يحتذي وقدوة في طريقة التفكير وتحليل الأمور والموضوعية والشفافية والحيادية والنزاهة في الحكم علي الأمور دون شطط أو غرض حتي صار هؤلاء الكتاب نجوماً في سماء الصحافة والتنوير ومن هؤلاء الكاتب فهمي هويدي الذي كان مقاله بجريدة الأهرام كل ثلاثاء هو الجرعة الثقافية المقررة لي ولزملائي من الصحفيين.
كان الكاتب فهمي هويدي يركز علي القيم الإسلامية والأداب والموضوعية في تحليله للأمور. لذلك تصدر قائمة الكتاب المميزين وصعد نجمه في عالم الصحافة والفكر.
وفي نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثالثة انحرف مسار فكر الكاتب فهمي هويدي خاصة عندما تكررت زياراته لإيران وإعلان دعمه للملالي وترويجه لضرورة اعتبار قوة إيران قوة للعرب والمسلمين دون النظر لخطر التشيع الذي تمارسه إيران ليل نهار بدول الخليج ومحاولاتها إدخال التشيع في مصر السنية. وعلي الرغم من الخلافات التي كان يعلمها هويدي بين نظام الحكم في مصر ونظام الحكم في إيران وقتها ومبررات هذا الخلاف.
هذا التغير في الفكر استوقفني كما استوقف غيري من شباب الصحفيين الذين فوجئوا بتوجهات جديدة من كاتب طالما نظرنا إليه بكل الاحترام لأن آراءه كانت خالية من الغرض حتي حدث التغير المفاجئ بسبب إيران حتي أصبح هويدي بين أوساط العديد من الصحفيين إيرانياً ربما أكثر من الإيرانيين أنفسهم.
وجاءت فترة حكم الإخوان لمصر التي أعلن خلالها فهمي هويدي انتماءه الإخواني بأشكال عدة ودعمه لكل ما هو إخواني ورفضه لكل ما هو عسكري . وبخاصة بعد يوم الثالث من يوليو 2013 وانصبت معظم مقالاته في الصحف الداخلية والخارجية علي مهاجمة القوات المسلحة ونظام الحكم الذي يجلس علي رأسه رجل عسكري قاد ثورة الثلاثين من يونيو.
يكتب فهمي هويدي حالياً مقالاً عدة أيام في الأسبوع بإحدي الصحف الخاصة. ولم أكن أتابعه بعدما حاد عن حياده وانبري يدافع عن الإخوان في الخير والشر. ولكن استوقفني أحد مقالاته منذ أيام لمست فيه حجم الحقد والغل في نفس هويدي ليس علي الرئيس السيسي فقط ولكن علي القوات المسلحة أيضاً.
قال فهمي هويدي من بين ما قال ما معناه: استغرب من الدول العربية التي تفرح بتقدم ترتيب جيشها بين الجيوش "يقصد مصر" واستغرب من الدول العربية "يقصد مصر أيضاً" التي تنفق المليارات علي شراء أسلحة .. وأنا متأكد ـ والكلام ما زال لهويدي ـ أنه لو حدث اعتداء علي هذه الدول العربية "يقصد مصر أيضاً" فإنها ستلجأ وتستغيث بالدول الغربية للدفاع عنها ضد أي اعتداء ولن تستخدم هذه الأسلحة التي جاءت بالمليارات انتهي كلام فهمي هويدي.
ما كل هذا الحقد الذي أصاب الكاتب فهمي هويدي؟ وما هذا العمي الفكري الذي أصابه؟ وما هذا الغرض القمئ الذي يحرك قلمه ويفرض عليه كلماته المسمومة التي يبثها علي قراء هذه الجريدة الخاصة؟
ليعلم الكاتب فهمي هويدي ـ إن كان لا يعلم هو وغيره من الكتاب أمثاله ـ أن جيش مصر ليس من الجيوش التي تستعين بالغير للدفاع عن أرضه وليعد إلي التاريخ إن كان ما زال يقرأ. وليعلم أيضاً أن المليارات التي أنفقتها مصر وستنفقها علي شراء صفقات السلاح هي لحمايته "هويدي" وحماية كل مصري حتي يعيش في الاستقرار الذي يعيشه الآن وحتي لا يجد من يقصف له قلماً أو من يمنعه عن الكتابة أصلاً. وهي التي منعت شروراً كثيرة عن مصر وستمنع الشرور المستقبلية لأننا ببساطة في عصر القوة. ومن لا يمتلك القوة ستأكله الذئاب.
هذه الصفقات هي التي غيرت ميزان القوي بمنطقة الشرق الأوسط لصالح مصر لأول مرة منذ قيام دولة إسرائيل . وبالأمس فقط تقدم ترتيب الجيش المصري إلي المركز الثاني عشر متقدماً أربعة مراكز عن الجيش الإسرائيلي الذي تراجع إلي الترتيب السادس عشرة. وهذا هو سبب اشتداد الحرب المخابراتية ضد مصر التي تشارك فيها عناصر الإخوان في الداخل والخارج وأعتقد أن الكاتب فهمي هويدي يشارك معهم ببث روح الإحباط واليأس في نفوس المصريين من خلال مقالاته. وكأنه لا يري تلك المشروعات التي تمت وتتم علي أرض مصر طوال عامين وما زالت مستمرة. ولكن يبدو أن عامل السن قد أثر عليه فأصبح لا يري إلا ما يريد أن يراه فقط.
لعن الله الغرض يا أستاذ فهمي.. لقد سقط نجمك. كما سقطت نجوم غيرك كنا نعتبرها قدوة لنا فإذا بها تظهر علي حقيقتها. لا يحركها إلا الغرض.
لعن الله الغرض.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف