سكينة فؤاد
ملفات مهمة ومواجهات منتظرة
أثق ثقه كاملة في أن محورا من أهم محاور ما يدور في مصر الآن من سعي اللحاق بالمستقبل بخطط نمو وتنمية وتعمير ومواجهة لآثار تجريف وتدمير عشرات السنين.. لا مبالغة ولا تزيد أن بعض الإنجازات تدخل في حدود المعجزات ـ الطاقة علي سبيل المثال ـ أثق أن التخفيف عن الملايين وحقها في جني ثمار كل ما فعلت وقدمت وضحت عبر تاريخ صبرها واحتمالها الطويل وأدوارها المشهودة في 25 يناير و30/6 ومازالت... ومع ذلك فبعض قرارات وسياسات وممارسات الحكومة وكثير من المؤسسات المسئولة تبدو وكأنها لا تقرأ معطيات المشهد الوطني بإيجابياته وسلبياته ولا تؤمن بأنه لم يعد هناك مجال لشعارات براقه بلا تطبيق ولا تدرك وتحترم المبادئ الحاكمة لدولة 30/6 وعلي رأسها الدعم لكل ما يحقق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
كيف تصدر قرارات قبل مراجعات وضوابط لنتائجها تمنع أو علي الأقل تخفف آثارها وتغلق الثغرات التي اعتاد أن يستغلها فاسدون ومافيا رءوس أموال لا يكفيها ما كنزت من ثروات هذا الوطن وتنقض علي أي فرصة تراها ممكنة للمزيد من التربح المحرم.. وأقرب مثال قرار رفع أسعار الدواء الذي يقل عن ثلاثين جنيها باسم حماية الصناعة المحلية وارتفاع أسعار المواد الخام. فما الذي حدث؟! تحول القرار إلي مبرر لرفع أسعار الدواء تحت وفوق سعر الثلاثين!! وفور صدور القرار بدأت تظهر علي الفور أنواع اختفت فيما يبدو انتظارا للقرار الذي يبدو أنه كان متوقع وارتفعت أسعار بعضها رغم أنها فوق الثلاثين جنيها ـ مثل دواء لعلاج الدورة الدموية المخية ارتفع من 150 جنيها إلي 180 جنيها وارتفعت أسعار بعض أدوية علاج السكر وبعض الدواء تم تسعيره بالشريط «29 جنيها للشريط» وبثمن الشريط يدخل الدواء في نطاق الأسعار التي تخضع للزيادة رغم أن سعر علبة الدواء كان فوق ثلاثين مما لا يخضعه للزيادة؟!!! أي ضمير يستغل قرار رفع سعر الدواء من خلال التلاعب بسعر القرص أو الشريط الذي أصبح وسيلة كثير من ناسنا البسطاء للحصول علي الدواء؟!! أتحدث عن الدواء الذي لا أظن أنه يدخل في باب الرفاهيات ولا أتحدث عن مكسرات رمضان التي من المفارقات أن تباع مع سلع التموين في الأسواق التي يعلن عن افتتاحها لبيع جميع السلع لمواجهة غلاء الأسعار والسؤال الأهم ليس عن رمضان بكل الاستعدادات المهمة لاستقباله والإسعافات العاجلة التي تسعي للاحتفاء به.. المهم كيف تكون السيطرة علي الأسواق والتحكم في الأسعار وحصار فساد الاتجار بالغذاء وبالمرض والدواء إلي سياسات دائمة؟!!
> ما أعلنه مجلس الوزراء في اجتماعه الخميس الماضي عن اتخاذه من الإجراءات لمواجهة جرائم التلاعب بأسعار الدواء وأرجو أن ينجح فيها وبأفضل مما استطاع وزير الصحة وإن ظل السؤال ـ هذه الإجراءات لماذا لم تصاحب أو تسبق القرار؟! وهل كان لابد من الدوي الهائل بسبب ما يعنيه الدواء في حياة الملايين ليتحرك المسئول ويتخذ ما تم اتخاذه من إجراءات ومراعاة اعتبارات كثيرة في المشهد الوطني في مقدمتها أحوال وظروف وكرامة القاعدة العريضة من أغلي ما تمتلك مصر وهو الملايين من أرصدتها الشعبية، وللأسف أن الأمر لا يتوقف علي ما حدث في أزمة أسعار الدواء فكثير من الملفات البالغة الخطورة لا تجد ما تستحق من مواجهات واهتمام تترجم إلي إجراءات وسياسات توجهات ومبادئ دولة 30/6.
> من أخطر الملفات التي طال انتظارها لإجراءات قانونية عادلة وإنسانية حقوق 9 ملايين من أرباب المعاشات الذين حرموا الكرامة والتأمين والأمان في هذه المراحل الحرجة من العمر ـ إنهم لا يطالبون إلا بعائد ما اقتطع منهم من مليارات وبحت أصواتهم وصوت المتحدث باسمهم المناضل البورسعيدي الكبير البدري فرغلي ومراعاة لظروف بلدهم قاموا بإلغاء أكثر من وقفة احتجاج علي ما يتعرضون له والوعود التي لم تتحقق لوزارة ووزيرة التضامن الاجتماعي السيدة غادة وإلي التي أدعوها إلي إجراءات عاجلة توازن بين حقوقهم المضيعة، والأوضاع الاقتصادية التي لم يكونوا شركاء لما تم من نهب وتدمير لها.. لا يصح ولا يليق أن تضيع صرخاتهم ونداءاتهم بعد كل ما قدموا لبلادهم، ولا ذنب لهم ولا مشاركة ولا رأي في كيف أديرت وبددت حصاد أعمارهم من أموال تأميناتهم ومعاشاتهم!!
> هل يستطيع أحد أن ينكر أن من أهم وأغلي الأرصدة الشعبية وأكثرها تعرضا للإهمال وللحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية والرعاية وسيطرة قوي الفساد كانت الأرض والفلاح، أتحدث عن الفلاحين الحقيقيين لا عن من يمثلون دور الفلاح في بعض مؤسساتنا!!.
لقد امتلأ ملف الأرض والزرع والمياه والفلاح بمشاكل قاتلة لم تجد مسئولا يقدم إجابات عنها - وبينما يسابق الرئيس لزراعة الصحراء وزيادة الرقعة الزراعية وافتتاح المرحلة الأولي من مشروع استصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان - نجد كوارث زراعية تحدث بمختلف المحافظات - في الشرقية يستغيث مزارعو الأرز أنهم يلجأون للري بمياه الصرف الملوثة لإنقاذ أراضيهم من البوار وهل اتخذت إجراءات عاجلة لعلاج ما نشرته بوابة الأهرام - أن الفلاحين أصبحوا بين خيارين إما موت المحصول وإما استخدام مياه ملوثة وأن مياه الترع جفت منذ الشهر الماضي وأن المزارعين فوجئوا بهروب الأنهار الجوفية التي كانت الخيار الأخير لدي المحاصيل رغم تكلفتها الكبيرة بالمقارنة بمياه الترع أو استخدام خراطيم الرش للري من فناطيس المياه المخصصة للشرب بالقري النائية. أكد الفلاحون أنهم يستخدمون مياه الصرف الصحي لري 20 ألف فدان من الأرز !! بينما أكد أبناء محافظتي الشرقية والقليوبية جفاف مياه الترع التي تروي اكثر من 80 ألف فدان بعشرات القري المجاورة!!.
> والشباب يمثل أخطر مكونات أرصدة مصر البشرية... ويجب أن تتكاتف جميع مؤسسات الدولة المسئولة والشريكة في تناول قضاياه لرسم خريطة بكامل المصداقية والشفافية عن من في السجون وتحت أي شكل من أشكال القيد والحجز والمسارعة بالإفراج عن غير المدانين في عنف أو تخريب.
ملف الشباب يجب أن يغلق بعد تضميد كل ما فيه من جراح مفتوحة تتناقض مع ما تعلنه الدولة من سعي لمد جسور ثقة وتفاهم ومشاركة مع أجيال تحتاج إلي تأكيد ثقتهم في أن بلدهم يحتكم إلي القانون ويحترم الحريات المسئولة ويقوم ويحاسب التجاوزات ويسعي بحق ألا تكون الحرب علي الإرهاب علي حساب حقوق الإنسان.
> عندما انتهيت من كتابة سطوري عن بعض ملفات الألم التي تحتاج إلي مواجهات جادة وحلول حاسمة بدأت تنفتح جراح ملف من اكثرها وجعا وإيلاما، وحيث انتهكت كرامة وإنسانية سيدة مصرية ارتكب بحقها وأسرتها مالا يفعله أحط المخلوقات ولتتجدد علامات استفهام بالغة الخطورة.. هل عالجنا وتعاملنا بجدية مع ما تعانيه بعض محافظات الصعيد من أوجاع طائفية، وخاصة المنيا وماتواتر فيها من أحداث في أعوام 2002 و2006 و 2007 و 2008 و 2013 و2014 ويتجدد 2016 ؟!! وهل اخترنا لكل محافظة المحافظ الدارس والعارف والقادر علي معالجات حكيمة ورشيدة لمشكلاتها الخاصة، ولكن بالمثل ولنفس المهمات والكفاءات والقدرات تم اختيار رؤساء المدن وهل توالي رفع تقارير بالإنجازات والنجاحات الإنسانية التي تحدث أو أنواع النيران الراقدة تحت الرماد ؟!! وهل وضعنا نهاية لإحالة الأمور إلي الحلول الأمنية، وطبقنا القوانين العادلة والعاجلة والمشددة علي الجميع بلا استثناء.
> بينما كان فضيلة شيخ الأزهر يوجه رسائل الي العالم في أثناء جولته الأوروبية البالغة الأهمية ويعلن أن أمام الدول العربية العربية والاسلامية تحديا خطيرا وهو تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام - هل حرصنا أن نصحح - بالداخل الصور والمفاهيم المغلوطة بل الكارثية عن الإسلام وعالميته واحترامه لأبناء الديانات الأخري، وتمت مواجهات جادة للأفكار المضللة واستدعينا ما غاب وانهار من قيم أصيلة للاسلام وللشخصية المصرية؟! ومثل ما يجب حساب وعقاب وتطبيق القانون علي كل من شارك في ارتكاب جريمة إهدار كرامة وانسانية مواطنة مصرية - يجب حساب كل من تأخروا عن اتخاذ الإجراءات التي تمنع اشتعال نار الفتنة رغم تبليغهم! ومن حاولوا إخفاء أو تهوين ما حدث بادعاءات وأكاذيب مثل المسئول الذي ادعي أن القاء نار علي بيوت مسيحية هو الذي جعل الناس يفرون منها عرايا!!.