أول أمس، انحني الرئيس الأمريكي «أوباما» وهو يضع باقة من الزهور علي النصب التذكاري بميدان السلام في «هيروشيما».. وهو الميدان الذي كان مركز انفجار القنبلة الذرية الأولي، التي ألقتها طائرة أمريكية يوم 6 أغسطس 1945 بأوامر مباشرة من الرئيس الأمريكي هاري ترومان.. ومازالت هناك قبة تعلو حكام دار التنمية الصناعية الإقليمية.. مازالت دون ترميم لتظل رمزاً لهذا اليوم، يوم الجحيم.
** وقد دمرت هذه القنبلة الأولي 13 كيلو متراً من المدينة وراح ضحيتها ما بين 70 ألفاً و100 ألف شخص، ومات المزيد فيما بعد من اثار الإشعاع النووي. وبعد ثلاثة أيام ألقت أمريكا قنبلة ثانية يوم 9 أغسطس فوق مدينة «نجازاكي» اليابانية.. لتحدث دماراً شاملاً فيها.
وكانت وجهة نظر أمريكا أن الهدف من استخدام القنابل الذرية كان هو الإسراع بإنهاء الحرب العالمية، بعد أن كانت إيطالي قد خرجت من الحرب قبل ذلك بكثير.. وبعد أن كانت برلين قد سقطت في مايو 1945 وانتحر «هتلر».. بعد تدمير بلاده كلها.
** وإذا كان هذا الهدف- وهو الإسراع بإنهاء الحرب- فلماذا كانت القنبلة الثانية فوق «نجازاكي».. أليس هو التدمير وإيقاع أبشع الخسائر في اليابانيين.. ليعرف العالم أن قوة جديدة قد نشأت في العالم هي أمريكا.. وعلي الكل أن يخضع.. وأن ينحني.. وبالمناسبة كان نفس الأسلوب قد لجأت إليه بريطانيا عندما أرسلت طائراتها لتدمر مدينة «درسدن» بالكامل، علي كل من فيها.. وقد كانت «درسدن» من أهم مدن الصناعة الألمانية، وقد عشت فيه أسابيع عديدة ورأيت أي دمار أرادت به بريطانيا أن تنتقم به من ألمانيا التي قامت بقصف لندن وغيرها من مدن بالقنابل والصواريخ.
** وهنا لم تعترف لا أمريكا ولا بريطانيا بمبدأ الحرب الشريفة وإذا كان الدين الإسلامي يرفض هذا التدمير- في الحرب- حتي ولو ضد شجرة أو حيوان فإن أمريكا وبريطانيا بضرب «هيروشيما» بالقنبلة الذرية و«درسدن» بمئات الطائرات، أرادت كل منهما الانتقام وحده.
ونفس هذا السلوك، هو الذي جعل الرئيس الأمريكي «أوباما»، وهو أول رئيس يزور «هيروشيما» وهو في السلطة، فإنه رفض أن يعتذر عن ضرب بلاده لـ«هيروشيما» و«نجازاكي» بالقنابل الذرية.. حتي لا يدين ما ارتكبه هاري ترومان الرئيس الذي خلف «روزفلت» في البيت الأبيض بما فعله من قراره باستخدام القنابل الذرية ضد اليابان التي كانت فعلاً وعملياً قد وصلت إلي نهاية الطريق.
** ولكنها عنجهية أمريكا.. وصلف «ترومان».. ثم «أوباما» بأن أمريكا فعلت الصواب فيما ارتكبته.. ولكن الرجل الأصفر في اليابان استطاع أن ينتقم وأن يصبح أقوي اقتصاد يتحدي أمريكا.. تماماً كما نجح الرجل الأصفر في فيتنام في تدمير كرامة أمريكا في حرب استمرت طويلاً حتي عام 1975 وسحبت أمريكا قواتها وكانت تضم نصف مليون عسكري وهي مهزومة.. في فيتنام.