المساء
عياد بركات
ومن لم يحكم بما :
ما من "آية من آيات سور القرآن الكريم استخدمت في غير محلها لتضليل عقول الشباب كما استخدمت هذه الآية وهي : "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" والآية الأخري "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" الآية 44. 45 علي التوالي من سورة المائدة.
آخر ما استخدمت فيه هاتان الآيتان هو ما جاء في تهديد الجماعة المارقة لقاضي مرسي في قضية التخابر مع قطر حيث جاء في رسالة تهديد معنونة بـ "رسالة اتحاد أساتذة القانون والشريعة الإسلامية.. وفيها.. أي مسئول أو وزير اشترك في وضع قانون يخالف ما جاء بالقرآن فهو كافر وفاسق وظالم واستشهدوا بالآيتين السابق ذكرهما.
وهنا لي عتاب علي أساتذتنا الأجلاء من علماء الأزهر وغيرهم لماذا يتركون المجال لهؤلاء المارقين من "الجماعة".. والجماعات التكفيرية لتلعب في عقول شبابنا كما شاءوا بالتفسير غير الصحيح لهاتين الآيتين الكريمتين.. وقد استخدمها التكفيريون المضللون في تضليل شبابنا بسيناء وغيرها من الأماكن فساقوا بها الشباب سوقاً لمحاربة الدولة التي يرون أنها لا تحكم بما أنزل الله.
تعلوا نقرأ معا ما كتبه الأستاذ عادل نعمان في مقاله التفسيري بالمصري اليوم يوم الخميس الفائت تحت عنوان حول "رسالة تهديد الإخوان لقاضي التخابر" يقول : أولاً لا يمكن تفسير آيات القرآن بمعزل عن سبب التنزيل لأنه الطريق الأصوب في فهم معاني القرآن وتفسيره في سياقه الطبيعي.. فالآية التي يستند إليها هؤلاء في تكفير من لم يحكم بما أنزل الله إذا عدنا لسبب نزولها والذي يستند إليها هؤلاء في تكفير من لم يحكم بما أنزل الله. الرواية أن يهوه المدينة طلبوا من الرسول صلي الله عليه وسلم الحكم في أمر زنا الغامدية اليهودية. وكان الرجم في التوراة هو عقوبة الزنا عند اليهود. وخففها اليهود علي أنفسهم بالجلد لعدم استطاعتهم تنفيذ هذا الرجم. فقصدوا الرسول الكريم لسؤاله علهم يجدون عنده المهرب أو يثبت عندهم التخفيف لكن الرسول الكريم أعاد إليهم أمرهم ونزلت فيهم هذه الآية ومعناها ومن لم يحكم بما أنزل الله كما جاء في التوراة فهو كافر.. أي انكار الحكم الخاص فقط فهذه الآية خاصة بواقعة محددة بذاتها ولأناس محددين بذواتهم.. ينكرون الحكم ويغطونه فليست هناك علاقة بين الآية والكفر بالله كما يقصدون.. وإنما الكفر هنا بمعني تغطية الأمر أو حجبه!
يضيف الأستاذ نعمان.. أما حول معني كلمة "حكم" في هذه الآية فليس معناها : إدارة شئون البلاد وهو المعني الاصطلاحي للحديث لكننا نفسر القرآن علي معني لغة زمانه وعصره و"الحكم" جاء في القرآن علي معنيين الأول : الفصل في النزاع والخصومة.. إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين".. "ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين". "وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه". "الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون".
المعني الثاني : "الحكمة" وجاء في القرآن علي النحو التالي "ولما بلغ أشده أتيناه.. حكما وعلماً".. وآية أخري : "يا يحيي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا" أما عن "الحكم" بالمعني الاصطلاحي الحديث والمقصود به إدارة شئون البلاد والعباد فقد نزل في القرآن : "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" والحديث النبوي "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه. ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به" وهذا ما دفع الخليفة عمر بن الخطاب لتسمية نفسه أمير المؤمنين الذي يتولي أمر المؤمنين وإدارة شئون البلاد يسمي عمر نفسه "حاكم المؤمنين فلو كان يقصد الحكم لما سمي نفسه أمير المؤمنين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف