اسامة الغزالى حرب
كلمات حرة .. فى مواجهة الفتنة
سعيت فى هذا الاثنين، وفى سياق رد الفعل الرافض للواقعة الشائنة التى شهدها صعيد مصر فى قرية الكرم مركز أبو قرقاص بمحافظة المنيا، أن اعود إلى أحد الكتابات الهامة فى ذلك الموضوع، واقصد بها التقرير الشهير الذى كتبه دكتور جمال العطيفى عام 1972 حول أول الاحداث الطائفية الخطيرة التى شاهدته مصر وكان ذلك فى عهد عصر الرئيس السادات حيث كان العطيفى وكيلا لمجلس الشعب.
فى يوم 5 نوفمبر من ذلك العام قام شباب مسلمون بمهاجمة مقر احدى الجمعيات المسيحية التى يؤدى فيها موطنون مسيحيون صلواتهم وذلك بعد أن خطب أحد الشيوخ المتعصبين فى أحد المساجد المجاورة محتجا على ما تصوره تحويل الجمعية إلى كنيسة، لذلك فإن هذا التقرير ينصب على مشكلة بناء الكنائس ويعالج القواعد التى ينبغى أن تحكمه.
غير أن ما حدث فى ابو قرقاص لم يكن مرتبطا بالاعتراض على بناء كنيسة ولكنه ارتبط بسلوكيات منحرفة لبعض الشباب المسلم المتعصب والذى ارتكب جريمة التعرية الشائنة لمواطنة مسيحية مسنة.
غير أن مما له دلالة ايجابية هنا ما حظى به هذا الموضوع من تغطية تحليلية ونقدية واسعة للغاية وقد قمت بعمل مسحا سريعا لعينة من الصحافة المصرية الورقية شملت الاهرام والمصرى اليوم والشروق والوطن، اى ان المسح لم يشمل الصحف القومية الاخرى (الأخبار – الجمهورية......) ولا كل الصحف المستقلة. والواقع أن ما يلفت النظر من فحص تلك الصحف فى الأيام الثلاثة التى تلت الواقعة ( الجمعة والسبت والاحد، من 27 إلى 29 مايو) أنها تضمنت إلى جانب التغطية الخبرية الواسعة والمفصلة فى الصحف الاربعة فى الأيام الثلاثة موضع التحليل 35 مقالا عميقا يعالج القضية من زاوية مختلفة على نحو يوحى بصدق بانتفاضة وانزعاج المثقفين والكتاب، بما يكفى لملء أكثر من كتاب عنه غير اننى اشير هنا بالذات إلى المقال الممتاز للأستاذ وجيه وهبة فى المصرى اليوم (29 مايو) بعنوان فى 25 يناير 2016 يسرد فيه احدى الوقائع ذات الدلالة العميقة والتى جرت منذ مائة عام بالضبط فى عام 1916 والتى ينقلها عن سليم سركيس صاحب مجلة سركيس التى كانت تصدر فى مصر فى العقد الاول فى القرن العشرين والتى توضح كيف تعاون المسيحيون والمسلمون لاقامة حفل خيرى فى دار الاوبرا المصرية برعاية مشيل لطف الله وشيخ الجامع الأزهر سليم البشرى لمساعدة السوريين الدارسين فى رواق الشام بالازهر انها اشارة شديدة الذكاء وبالغة الدلالة فى وقت نحن احوج ما نكون فيه إلى إحياء وتطهير تلك الروح المصرية الاصيلة.