نعيش أحداث كل يوم مع أمرين متناقضين .. نسعد بالأول.. ونضيق بالثاني.. ولكنها الحياة بحلوها ومرها.. نسعد بالإنجازات تتوالي كل يوم.. وتغير وجه الحياة علي أرض مصر.. ونفتح آفاقاً جديدة لجانب من أبناء هذا الوطن.. وأول أمس كان موعدنا مع حياة جديدة في العديد من قري مصر التي نالت بعد حرمان طويل جانباً من مرافق وخدمات دخلتها لأول مرة.. وأيضاً بعض سكان العشوائيات الذين انتقلوا إلي حياة في مساكن عصرية جديدة.. توفر حياة إنسانية افتقدوها طويلاً.. وقد أنصف الرئيس عبدالفتاح السيسي أبناء هذه العشوائيات.. ونفي عنهم الصورة التي يلصقها البعض بسكان العشوائيات بشكل عام.. مطالباً بالتوقف عن تقديمهم بهذه الصورة السلبية.
ومع سعادتنا بالإنجاز.. نضيق أيضاً ببعض المنغصات التي لا تتوقف.. من تآمر داخلي.. أو خارجي.. ومن خروج علي القيم المصرية الأصيلة.. ومن اغتيالات لأبنائنا الذين يذودون عن الوطن ويحمون أمنه وترابه.. ونذكر هنا بيت الشعر القائل:
إذا أنت لم تشرب علي القذي ظمئت
وأي الناس تصفو مشاربه؟
نذكر هذا البيت لكي تهدأ نفوسنا.. ونحمد الله.. أننا رغم كل ذلك نعمل وننجز.. ونخطو إلي الأمام.
من الإنجار أيضاً أن نكثف من توجهنا إلي إفريقيا.. سوقنا الرئيسي.. ومجالنا الحيوي.. وأن نستعين في هذا بالتواجد اللبناني الكثيف في مطعم بلدان إفريقيا.. خاصة في دول غرب القارة.. عن طريق مبادرة "مصر لبنان. إلي إفريقيا" بتأسيس شركة مصرية لبنانية مشتركة للترويج للصادرات المصرية إلي القارة الإفريقية.. ولعلنا أيضاً نحيي الدور الكبير الذي قامت به شركة النصر للتصدير والاستيراد في هذه القارة في عصرها الذهبي. الذي آن له أن يعود وبقوة وبفاعلية وجدوي أكثر.
والشعب اللبناني الشقيق يعيش خارج أرضه أكثر من ضعفي من يعيشون علي أرضه.. ومعظم المغتربين اللبنانيين وكذلك السوريين ينتشرون في قارتي إفريقيا وأمريكا اللاتينية.. وهم في أمريكا اللاتينية قوة كبيرة ووصلوا إلي مواقع مهمة في حكم البلاد التي هاجروا إليها.. لعلنا نذكر كارلوس منعم الذي كان رئيساً للأرجنتين.. ثم أخيراً جون تامر الذي تولي رئاسة البرازيل بعد قرار البرلمان البرازيلي بتنحية رئيستها.. ومن المأمول أن تتمكن الشركة الجديدة. بتضافر رجال الأعمال المصريين واللبنانيين التوجه بقوة إلي الأسواق الإفريقية. للترويج للصادرات المصرية في بلدان إفريقيا خاصة التي لم تدخلها هذه الصادرات بعد وأيضاً تلك التي ترتبط مصر معها باتفاقات ثنائية أو اتفاقات تجارة تفصيلية أو بإعفاءات جمركية في إطار التكتلات الإفريقية مثل الكوميسا.. مما يدفع إلي التوسع في التصدير إلي إفريقيا للمنتجات المصرية خاصة مواد البناء والصناعات الهندسية والغذائية والأجهزة الكهربية وصناعة الدواء والملابس والمفروشات والأدوات المنزلية وغيرها.. وفي إطار هذه الشركة الجديدة ستبدأ الجهود ببعثات تجارية مشتركة في يوليو القادم إلي كل من كوت ديفوار والكونغو تكون بداية للتعريف بالمنتجات المصرية في أسواق البلدين.
بهذه الشركة وأمثالها.. نضع أقدامنا علي الطريق الصحيح. بزيادة الإنتاج من أجل الاستهلاك المحلي. ومن أجل التصدير. مما يعني من ناحية توفير استهلاك العملات الأجنبية في الاستيراد. ومن ناحية أخري زيادة حصيلة البلاد من هذه العملات.. غير أن الأمر الأهم بلا شك هو أنه مع زيادة الإنتاج وزيادة التصدير. تتاح المزيد من فرص العمل. وكسب الرزق للآلاف من الشباب وهو الهدف الذي نسعي إليه جميعاً لكسر حدة البطالة التي تطال الملايين من شبابنا وتؤرقنا جميعاً.
وإذا كان إنشاء هذه الشركة المصرية اللبنانية قد جاء بمبادرة شارك فيها وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل مع المستثمرين المصريين واللبنانيين في اللقاء الذي تم في لبنان. واستكمل في القاهرة.. فإننا نتطلع أيضاً إلي جهد آخر لوزير التجارة والصناعة لحل مشاكل المصانع المتوقفة عن الإنتاج.. ان إعادة هذه المصانع إلي دائرة العمل والإنتاج مرة أخري هو أمر لا ينبغي أن يتأخر أكثر من هذا.. إن إعادة أي مصنع متوقف إلي العمل سوف يحقق بلا شك زيادة في الإنتاج.. وتقليلاً من الاستيراد. وزيادة في الصادرات.. وقبل كل هذا إعادة فرصة العمل لمن فقدوها بتوقف هذه المصانع.. من هنا فنحن نتطلع إلي أخبار إيجابية في هذا الجانب.
ختاماً لابد أن تجني هذه المبادرة المصرية اللبنانية. ونحن نشير إلي أن العلاقات التجارية بين مصر ولبنان قديمة قدم التاريخ.. ونشير هنا إلي خبر نُشر منذ فترة عن اكتشاف تابوت في مقبرة فرعونية في أسوان. مصنوع من خشب الأرز.. والسؤال كيف جاء خشب الأرز من لبنان إلي أسوان؟.. كان هناك تبادل تجاري قديم فمعابد لبنان كانت تستورد أحجار الجرانيت لأعمدتها من أسوان.. وتمنحها خشب الأرز من غابات لبنان.. وهذه علي أي حال قصة أخري.. نعود إليها في مرة قادمة.. بإذن الله.