مؤمن الهباء
شهادة - إيران تخسر كثيراً
سوف تنتصر الإرادة الشعبية في اليمن الشقيق.. وستنتهي لعبة الانقلاب الحوثي إن عاجلاً أو آجلاً.. وسوف تتغير الخريطة السياسية في منطقتنا العربية وتتغير معها التحالفات والتوازنات.. ولو صدقت النيات وتم البناء بنجاح علي ما تم تحقيقه في قمة شرم الشيخ فسوف ينطلق التحالف العربي الذي فاجأنا جميعاً ليصبح أكثر قوة وتأثيراً.. وبالقطع ستكون إيران هي الخاسر الأكبر علي المدي القريب والبعيد.
إيران التي كنا ننظر إليها علي أنها عمق استراتيجي للأمة العربية.. وأن قوتها رصيد استراتيجي للقوة العربية خصوصاً بعد التحول الكبير الذي أحدثته ثورة الخميني عام 1979 وسقوط الشاه عميل الأمريكان والصهاينة.. إيران هذه تحولت بتدخلها السافر في العراق وسوريا واليمن من مشروع ثوري ملهم إلي مشروع دولة توسعية مذهبية تعمل علي التمدد والاستحواذ ومصادرة إرادة الشعوب في التحرر من أجل تحقيق مصالحها.
أقول هذا.. وأنا من الذين لم يجرفهم تيار الاستقطاب الطائفي بين معسكر السنة ومعسكر الشيعة.. وكان موقفي معلناً بإدانة صدام حسين الذي بدأ الحرب علي إيران لصالح أمريكا لمدة 8 سنوات بهدف استنزاف قوة الثورة الناشئة وذلك في الوقت الذي كان الصوت الأعلي في مصر مع صدام المتحالف مع السادات ثم مع مبارك.. وكنت إلي جانب ذلك مؤيداً بكل قوة لحق إيران في امتلاك السلاح النووي وليس فقط المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء.. وهو الحق نفسه الذي يجب أن نتمسك به لانفسنا في مصر ولكل الأشقاء العرب مادامت إسرائيل تمتلك السلاح النووي وترهبنا به وترفض أي تفتيش دولي علي قدراتها النووية.
وهناك قطاع عريض من الشعب المصري.. ومن الشعب العربي - لم يكن ينظر لإيران علي أنها عدو وخطر علي أمننا القومي.. لكن هذه القناعة تتآكل الآن.. بل ربما أنها تآكلت فعلاً وذلك بعد أن ظهر الوجه الطائفي لإيران في العراق وسوريا واليمن.. وخسرت إيران كثيراً من مكانتها الأخلاقية وصورتها لدي المواطن العربي غير المنخرط في الاستقطاب المذهبي.
والآن.. يجب علي المبعوثين الإيرانيين لدي الدول العربية أن يتنبهوا لهذه الحقيقة.. وأن يبعثوا بها إلي أصحاب القرار في طهران.. فقيمة بلادهم تنخفض.. وصورة بلادهم تهتز بقوة.. وموقع بلادهم ينتقل من خانة العدو.. وعليهم أن يختاروا.. هل يريدون أن تصبح بلادهم مع إسرائيل وأمريكا.. أم تعود إلي خندق القوة المضافة لجيرانهم وأشقائهم العرب المسلمين ووضع نهاية للصراع الطائفي.
هناك بالتأكيد من أغراهم ضعف العرب وتفككهم خلال العقود الماضية.. وهناك من راهنوا علي وفاة العرب.. لكن التاريخ ليس علي هوي أحد.. والسياسة هي علم التفاعل مع المتغيرات.. والروح الجديدة التي ظهرت في قمة شرم الشيخ وقبلها بأيام قلائل تعطي مؤشرات للتفاؤل.. وتقدم فرصة ذهبية قد يحسن العرب استغلالها لتغيير واقعهم.. ولو حدث ذلك فسوف تكون إيران في موقف صعب للغاية.. سوف تجد نفسها - كأقلية شيعية - محاطة ببحر واسع وعميق من الأغلبية السنية.
لذلك فمن مصلحتها - اليوم قبل غد - أن تعيد النظر في سياساتها المنحازة للطائفة والمذهب.. وأن تبني سياسة جديدة تقترب من الشعوب وترتبط بالشرعية.. وتبحث عما يقرب وتنبذ ما يباعد.. وتتحاشي الدخول في مواجهة مع إرادة الشعوب التي تسعي إلي الحرية والتقدم وتجاهد من أجل إسقاط النظم المستبدة البالية.