محمد جبريل
ع البحري .. مساكن المقطم .. مثل من زينهم
أختلف مع الاراء المشفقة علي المساكن البديلة للعشوائيات في المقطم.
تخوف الآراء ذكرني بما رواه استاذنا الراحل أحمد بهاء الدين عن مدرسته التي كانت تطل علي مدرسة ايطالية تتميز بالنسق المعماري الجميل. والفناء الفسيح الذي تتوسطه نافورة تنبثق منها المياه. والتماثيل الموزعة في الأركان. والنظام. والنظافة انتقلت المدرسة الايطالية الي موضع آخر. وتحقق لبهاء وزملاء مدرسته ما كان يبعد عن أحلامهم. انتقلوا الي المدرسة المجاورة. لكن الواقع صدم الحلم المستحيل عندما تحولت البناية الجميلة الي فوضي وقذارة وسوء ونظام وأنا أنقل رواية أحمد بهاء الدين.
اختلافي مع الاراء المشفقة مبعثه مشروع مماثل اتيح لي التعرف إليه. قدم مثلا للطريقة التي يحافظ بها سكان العشوائيات علي هذا المظهر الرائع الذي طالعتنا به مساكنهم الجديدة.
منطقة زينهم. أو جبل زينهم. أو تلال زينهم. تسميات كانت تطلق علي الحي الشعبي المتداخل مع حي السيدة زينب أهم ملامح مقام سيدي زين العابدين. والمذبح والمشرحة والحياة العشوائية لمعظم أبنائه.
بعد ثورة يوليو. وامتداد العمران في مناطق عانت التخلف. وزحف العشوائيات في مناطق أخري. فإن حي زينهم ظل علي حاله مأوي للخارجين علي القانون. يزاحمون أبناء الحي حياتهم. ورغم تحول الحي إلي همزة وصل بين طريق صلاح سالم وشارع قصر العيني. فإنه لم يغادر هويته كبيئة حاضنة للجريمة.
التفتت الدولة الي التشوه الذي يمثله زينهم في وجه القاهرة. بدأت بإزالة بؤر الجريمة التي طرأت علي الحي. شيدت في أماكنها بنايات اقتصادية من ثلاثة أو أربعة طوابق. بالاضافة الي مركز تنمية بداخله قصر للثقافة. ورحب المسئولون باستمرار سكان الحي في البنايات الجديدة. وان شرطوا الحفاظ علي البيئة. وعدم تغيير النسق المعماري فإن ثبتت المخالفة جري الحرمان من السكن. وما يحيطه من مرافق. مثل المدارس والمستشفي والمساجد والحدائق وغيرها.
تعرفت - بالمصادفة - الي التطورات التي شهدها الحي. هو الان مثل للبيئة النظيفة في أكمل صورها. الشوارع واسعة. ونظيفة. مشابهة لشوارع مساكن المقطم. والمطبات الصناعية روعيت فيها قواعد السلامة. لم يضف إليها السكان - كالعادة - مطبات أخري بدعوي حماية الأبناء. لا كومات زبالة. ولا شخبطات أو عبارات تشوه واجهات البيوت. ولون طلاء الواجهات والنوافذ لم يتبدل.
بدت لي زينهم الجديدة مثل لكل أحياء مدننا. سواء التقليدية أم مناطق العشوائيات. تصورت أن ذلك هو ما يجب ان يحدث في كل الأحياء. بصرف النظر عن المستويات الاجتماعية لسكانها.
الفيصل هو الشروط التي وضعتها الحكومة. مقترنة بالحسم في تطبيق العقاب. إن أسيئ إلي جمال البيئة ونظافتها.
مبروك لسكان المقطم وحداتهم الجديدة