الجمهورية
بسيونى الحلوانى
الحكمة التي نرجوها في أزمة نقابة الصحفيين
لا أعتقد أن حبس نقيب الصحفيين الزميل يحي قلاش واثنين من زملائه أعضاء مجلس النقابة قد أصبح هدفا للدولة المصرية التي يتسع صدرها لكل الآراء والتوجهات والتنوع السياسي والفكري. وتسعي جاهدة لتصحيح الصورة المغلوطة عنها في الخارج والتي يروج لها أعداء مصر.. ولذلك كلنا ثقة في قضاء مصر العادل الذي يتسابق كل الصحفيين في إبراز شموخه وعظمته لا لكي ينصف الزملاء ولكن لكي يدعم الصورة الحضارية لمصر الجديدة التي كافح الصحفيون مع شعبها وقادوا مسيرة التغيير والتخلص من حكم جماعة الإخوان المسلمين بعد أن انحرفت عن الطريق الصحيح واستخدمت كل صور الاقصاء السياسي والفكري.
عندما بات نقيب الصحفيين في الحجز ــ لأول مرة في تاريخ مصر ــ قفز الي ذهني صورته ــ قبل أن يكون نقيبا ــ وهو يعطيني مجموعة من استمارات "تمرد" لكي أوزعها علي زملائي في الجمهورية وأحصل علي توقيعاتهم للتخلص من حكم الإخوان. كما قفز إلي ذهني صورته وهو يقف معنا أمام نقابة الصحفيين وفي ميدان التحرير في الاحتجاجات الشعبية العارمة التي اجتاحت مصر وهي تردد "يسقط يسقط حكم المرشد".. وهذا ليس غريبا علي يحي قلاش المناضل الثوري المحب لوطنه والذي يوظف كل جهده لكي يرقي بمهنته ويكفل للعاملين فيها الحرية لكي يؤدوا عملهم بكفاءة .. ودون انفلات.
***
منذ أيام التقيت بالزميل العزيز في ساحة النقابة ــ قدرا ــ فاصطحبني الي مكتبه. ووجهت له عتابا علي ترك الفرصة لبعض الزملاء الثائرين أو الغاضبين أو الساخطين ليقودوا مجلس النقابة الي مطالب بعضها مستفز وليس له محل من المنطق ويتحفظ عليها قطاع كبير من الصحفيين.
قال: كما تعرف النقابة معظم أعضائها الآن من الشباب وهم بحكم طبيعة سنهم يثورون ويغضبون وتصدر عن بعضهم سلوكيات نحاول بكل الوسائل تقويمها. ومسئولية نقيب الصحفيين ــ سواء أكان قلاش أو غيره ــ أن يستوعب هؤلاء وأن يحتضنهم وأن يهدئ من روعهم خاصة وأنهم رأوا في تصرف الداخلية مساس بنقابتهم. وهذا ما حاولنا بكل الوسائل أن نفعله. ونجحنا في بعضه وامتصصنا غضبهم. ولم يكن من الممكن تجاهل مشاعر هؤلاء الغاضبين وقد شاهدهم كل المصريين عبر شاشات الفضائيات وهم غاضبون وثائرون. ولذلك فإن المطالب التي خرجت للرأي العام كانت ترجمة لمطالب الجمعية العمومية وليست موقفا شخصيا لمجلس النقابة.
يؤمن يحي قلاش جيدا ــ وهو النقابي المخضرم ــ أن الصحفيين ليس علي رأسهم ريشة. وليسوا ناسا فوق الناس. كما أنهم ليسوا فوق القانون. ونقابتهم مفتوحة لهم في كل المواقف. ومن يخطيء منهم يحاسب علي ما ارتكب من أخطاء دون تضخيم لتجاوزات صغيرة. أو تهوين يهدر قيمة القانون الذي ينبغي أن يطبق علي الجميع. وأن يحترمه الجميع. ولا يكون وسيلة في أيدي أي سلطة لإرهاب الآخرين والتنكيل بهم.
لقد أكد نقيب الصحفيين مرارا أن النقابة ليست ضد الدولة ولن تكون فالصحفيين المصريين وطنيون شرفاء يدافعون بأقلامهم عن تراب الوطن وسمعته وكيانه كما يفعل المقاتلون علي جبهات القتال تماما.
لذلك هو يتطلع أن تقدر الدولة بكل أجهزتها السيادية والتنفيذية والتشريعية ما تقوم به الصحافة من دور تنويري مساند لجهودها. وما يقدمه الصحفيون من تضحيات كثيرة من أجل الدفاع عن كيان الدولة المصرية بعيدا عن هوية الأنظمة السياسية والأسماء التي تحكم أو تدير.. فمصر هي الرمز الذي يلتف حوله كل الصحفيين المصريين الشرفاء.
***
لذلك أتمني ــ أنا ــ أن يغلق قضاء مصر العادل ملف أزمة نقابة الصحفيين بما يضمن للصحفيين كرامتهم وللدولة هيبتها. وأن تدرك أجهزة الدولة جميعها أن الصحفيين الذين انتقدوا إدارة النقابة للأزمة مع الداخلية ولاموا زملاءهم أعضاء مجلس النقابة بمن فيهم النقيب أصبحوا الآن أكثر تعاطفا مع نقيبهم بعد أن قضي ليلة في قسم شرطة قصر النيل. فالنقيب حتي لو اختلفنا معه هو رمز لكل الصحفيين فهو نقيب منتخب وينبغي أن تتعامل معه كل أجهزة الدولة بما يليق به كنقابي وبما يليق بالصحفيين باعتبارهم أداة تنوير للرأي العام وكل جهودهم تبذل من أجل رفعة وتقدم هذا الوطن.
أنا هنا لا أعترض علي قرار نيابة ولا أشكك في عدالة قضاء كلنا نجله ونتغني بعظمته. ولكن الحكمة تفرض عدم التصعيد من جانب أية جهة. ولا ينبغي أن نصدر للعالم الخارجي مشهدا مفاده أن مصر تحبس نقيب الصحفيين الذي وقف في وجه جماعة الإخوان المسلمين وكان عنصرا فاعلا في كل التظاهرات والاحتجاجات ضد السلطات المستبدة.
مصر في حاجة ماسة الي جهود ومشاعر كل أبنائها المخلصين. وفي مقدمتهم يحي قلاش.. مصر في أمس الحاجة الآن الي¢الحكمة¢ لكي نفوت الفرصة علي المتربصين.. لا ينبغي أبدا أن نقدم لأعداء مصر في الداخل والخارج مشهدا جديدا يقومون بتفسيره وتسويقه علي هواهم ليرسموا صورة مغلوطة لحقيقة الأوضاع في مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف