الناس تضرب أخماسا في أسداس. كل من لديه أسرة وأبناء أصبح عاجزاً تماماً عن تلبية احتياجاتهم البسيطة من مآكل ومشرب وملبس. إلا إذا كان لصا أو مرتشياً أو قواداً.
الحكومة التي تعيش في الكهف أو تمثل أنها تعيش فيه. لا تكف عن الكذب صباح مساء. وتدعي أنه لا ارتفاع في الأسعار. والمواطنون يذهبون إلي الأسواق فتصدمهم الأسعار التي ارتفعت بشكل جنوني مبالغ فيه.
أسعار الغذاء والكساء في العالم كله تنخفض. لأننا نسافر ونتابع ونشتري ونقارن. فتكتشف أننا أكثر شعب في العالم منهوب ومضحوك عليه. ونتأكد أن الحكومة تعرف ذلك وتباركه وتحفز عليه.
لن أحدثك عن أسعار السيارات في مصر والتي تعد الأعلي في العالم. المواطن في فرنسا أو ألمانيا يستطيع شراء سيارة بجزء من راتبه الشهري. أعرف صديقاً في ألمانيا اشتري سيارة ألماني مستعملة بألفي يورو سألت عن سعرها في مصر. نفس الماركة ونفس الموديل فقيل لي بـ 150 ألف جنيه. شوف الفرق. وقس علي ذلك أسعار كل السلع.
اشتريت ملابس من احدي الدول الأوروبية. سعر القميص مثلاً لم يتجاوز خمسة عشر يورو. نفس الماركة وجدتها في مصر بحوالي سبعمائة جنيه.. اعتبر السيارات والملابس سلعاً كمالية. بلاها سيارة وبلاها قمصان وبنطلونات وتكفي الملابس الداخلية. وانظر في أسعار الدواجن واللحوم والزيت والسكر والأرز والمكرونة وغيرها لتعرف أنك في مصر مواطن مشبوح ومستباح ومضحوك عليه.
ولا تحدثني من فضلك عن جهود الحكومة لضبط الأسعار وإقامة معرض رمضان واستخدام سيارات السلع المتنقلة. كلها حلول مؤقتة. والسلع رديئة أساساً. باعتبار أن مستهلكيها ناس بيئة وتحت الصفر. وأتحداك لو استخدم مسئول منهم مثل هذه السلع. وأعلم أن الحكومة ضالعة في إحداث موجة الغلاء الجنونية هذه. ضالعة بتواطنها مع مافيا التجار. وضالعة بعدم تدخلها الحاسم لضبط الأسواق. وضالعة لأن أجورها التي تمنحها لموظفيها لا تتناسب إطلاقاً مع الأسعار.. ليس كل موظفيها طبعاً. هناك فئات. أنت تعرفها. مستثناة. وبعضها يحصل علي بدل "عطس" يعني لو واحد فيهم عطس يأخذ بدل عطس ثلاثة أو أربعة آلاف جنيه.
الحكومة تجلد المواطنين وتعلمهم الأدب. وتتعمد أن تشغلهم بالتفكير في كيفية تدبير احتياجاتهم. وإلا كانت رحمتهم من رفع أسعار خدماتها التي تقدمها لهم مثل المياه والغاز والكهرباء. أو علي الأقل كانت تؤجل هذه الزيادات حتي لا تضرب المواطنين خمسين ضربة في الرأس. يقولون خبطتان في الرأس توجعان والحكومة لا تكتفي بإحداث الوجع. الحكومة تريد مواطناً ضائعاً تماماً. مجرد جثة متحركة. لا تفكر ولا تسأل ولا تعترض. تسجد فقط.. ما أتعس حكومة تحكم جثثاً ساجدة!