المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. اليوم.. ربحت أفريقيا
لم تسقط جرائمه بالتقادم.. وظل العار يلاحق ديكتاتور تشاد حسين حبري علي مدي ربع قرن حتي قضت عليه المحكمة الأفريقية الخاصة يوم الاثنين الماضي بالسجن المؤبد عقاباً له علي الانتهاكات التي ارتكبها في حق شعبه خلال السنوات الثماني التي تولي فيها السلطة من 1982 إلي .1990
انعقدت المحكمة الأفريقية الخاصة في داكار عاصمة السنغال التي كان حبري قد لجأ إليها في ديسمبر 1990 بعدما أطاح به أحد أقدم مساعديه.. الرئيس الحالي إدريس ديبي.. وقد أنشأ الاتحاد الأفريقي هذه المحكمة الخاصة بموجب اتفاق مع السنغال كبديل عن تسليم حبري إلي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.. المتهمة دائماً بأنها لا تلاحق غير القادة الأفارقة.. ولكي يثبت الاتحاد الأفريقي أن بإمكان القارة السمراء محاكمة قادتها بنفسها.
وتعد محاكمة حسين حبري ـ 73 عاماً ـ هي الأولي من نوعها في العالم.. التي يحال فيها رئيس دولة سابق إلي القضاء في دولة أخري بتهم ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.. وقد قدرت لجنة تشادية حصيلة القمع الذي عاني منه شعب تشاد في نظام حبري بحوالي 40 ألف قتيل.. بينهم 4 آلاف فقط تم التعرف علي أسمائهم.. إلي جانب جرائم أخري تمثلت في إعدامات بالجملة وإخفاء قسري لرجال ونساء وأطفال واغتصاب لسيدات وتعذيب للمعارضين في السجون.
وقد أريد لهذه المحاكمة أن تكون نموذجاً في أفريقيا لمحاكمة الرئيس الديكتاتور ولو بعد ربع قرن علي خروجه من السلطة.. وأن يشكل الحكم درساً لكل المستبدين الآخرين.. ورسالة تقول للجميع إن الحقبة التي كان يمكن فيها للطغاة بأن يعاملوا شعوبهم بوحشية.. وينهبوا ثروات بلادهم ثم يفرون إلي الخارج للاستمتاع بحياة الترف قد انتهت.
بدأت إجراءات هذه المحاكمة غير المسبوقة في 20 يوليو 2015 بحضور حسين حبري الذي اقتيد بالقوة إلي موقع المحكمة.. وطوال الجلسات امتنع عن الاعتراف بسلطة المحكمة.. كما رفض التحدث فيها أو الدفاع عن نفسه.. وبعد تلاوة الحكم بالإدانة الاثنين الماضي رفع ذراعه لتوجيه تحية إلي مناصريه.. وهتف: "فلتسقط فرنسا.. أفريقيا".. وهو التعبير المستخدم للإشارة إلي سياسة فرنسا في مستعمراتها الأفريقية السابقة.
علي الجانب الآخر.. تمكن ضحايا حبري في تشاد من متابعة لحظة إصدار الحكم في بث مباشر للإذاعة والتليفزيون.. وبعدما انتهي القاضي من إعلان الحكم علت صيحات الفرح.. وبدأ الضحايا وأقرباؤهم يتعانقون ويرددون: "انتصرنا.. انتصرنا".. ثم خرجوا إلي الشوارع للاحتفال وأغلقوا الشوارع أمام حركة المرور.
ورحب كليمان أبيفوتا رئيس رابطة ضحايا جرائم نظام حسين حبري بالحكم قائلاً: إنه تتويج لمعركة طويلة ومضنية ضد محاولات الإفلات من العقاب.. اليوم ربحت أفريقيا.. اليوم ربحت أفريقيا.
وفي حال تأكيد الحكم بشكل نهائي بعد النظر في الطعن الذي سيقدمه حبري فإنه يمكن أن يقضي عقوبته في السنغال أو أي دولة أخري عضو في الاتحاد الأفريقي.
عاشت أفريقيا.. ولا نامت أعين الجبناء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف