كل عام وأنتم بخير.. أقبل الشهر الفضيل بكل معانيه السامية. ومظاهره الجميلة.. صلاة التراويح. والخشوع والدموع من القلب.. زينة رمضان والفوانيس والمسحراتي.. موائد الرحمن والوجوه الباسمة. وكلمة "اللهم إني صائم" علي كل لسان.. زحمة قبل الإفطار. وانتظار المدفع. وطوفان المسلسلات والبرامج الرمضانية.. سهرات الحسين.وقعدة الفيشاوي. وطبق الفول علي السحور.. لكن كل ذلك كوم. وفيضان الشحاتين في رمضان. كوم آخر.. مع بداية شهر رمضان. يبدأ السباق والتنافس علي الأماكن المميزة للشحاتين.. في كل ميادين القاهرة والإسكندرية. وعواصم المحافظات. هناك صراع علي اختيار أكثر المناطق رواجاً للشحاتين. وهناك متعهدون وأسطوات وفتوات.ينظمون المسألة. ويضمنون مكاناً لمن يدفع أكثر.. لا يكتفون بحصة من الحصيلة. ولكن يفرضون يومية تختلف قيمتها باختلاف الزحام في المكان. ونوعية الزبون.
ملابس عمال النظافة هي الأكثر طلباً هذه الأيام. ولذلك في كل سنة نجد عدداً هائلاً يرتدون هذه الملابس. ويمسك كل منهم "مقشة" ويقف أمام الإشارة. أو علي أحد الكباري. أو في الميادين. في انتظار حسنة. ولو كانوا بالفعل عمال نظافة لأصبحت مصر من أكثر دول العالم نظافة.
عجلة سن السكاكين. تأتي في المرتبة الثانية.. تجد رجلاً يحملها علي كتفه. وإلي جواره ثلاثة أطفال. ولا يمد لك يده اعتماداً علي أنك ستعطف علي الغلبان الذي يكد من أجل إطعام صغاره. فتمد يدك في جيبك لأنك في الشهر الفضيل.
تأتي بعد ذلك الكراسي المتحركة. والطفل المعاق. وشهادة الإصابة بالسرطان والسيدة العجوز الباكية. وغيرها من فنون الشحاتة. التي أبدعنا في ابتكارها. وإقناع الناس بها.
كثيرون منا يربطون الشهر الفضيل بإخراج زكاة المال. إلي جانب زكاة الفطر. فتعالوا نحاول توجيهها التوجيه الصحيح. لخدمة المجتمع ولصالح الفقراء الحقيقيين.
تعالوا مع بداية هذا الشهر العظيم نتجه بالزكاة والصدقات إلي المؤسسات والجمعيات المحترمة التي تتحري الدقة في توجيه الأموال. وتقوم بمشروعات حقيقية للقضاء علي الفقر والجهل والمرض.. تعالوا نبتعد عن الجهد الشخصي ونتجه إلي العمل الجماعي في توجيه الصدقات. وبذلك نخدم المجتمع ونساند الفقراء. ونقضي علي ظاهرة الشحاتين. التي تكون أكثر وضوحاً في رمضان لتسيء للصور الجميلة الأخري في الشهر الكريم. مثل صلاة التراويح والفوانيس والمسحراتي. وموائد الرحمن. وكلمة "اللهم إني صائم".. وكل عام وأنتم بخير.