الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
اخترنا الطريق الصعب.. إلي نهايته بإذن الله
يوم 30 يونيو منذ عامين نزل الشعب كله في استفتاء عام يرفض نظاما يريد بيع البلد.. الكل نزل في الشوارع والميادين.. حتي الذين لم تحملهم سيقانهم لأكثر من باب البيت أحضروا كراسي وجلسوا أمام الأبواب ومعهم اعلامهم.. قال الشعب كله كلمته.. ولكن من يستطيع أن يحقق للشعب أمنيته؟!!.. رجل وضع رأسه علي يديه ورفض أن يتخذ أخطر قرار في تاريخ مصر إلا بعد أخذ آراء "صفوة البلد" وعلي رأسهم عنصرا المجتمع الجامع والكنيسة إذا كنتم تذكرون اجتماع منتصف نفس الليلة.. وبعد ذلك أخذ رأي الشعب كله في أنزه انتخابات شهدتها مصر بعد انتخابات يناير ..1950 رجل غير عادي.. رجل اختاره الشعب ووقف وراءه.. لم يفرض نفسه علي الشعب.. يذكرني بسعد زغلول اختاره الشعب بالتوكيلات في طول البلاد وعرضها.. ولما تم نفيه قامت ثورة 1919 من تلقاء نفسها دون أن يدع أحد إليها أو ينظمها أحد.. حتي ان سعد زغلول نفسه وهو في المنفي سأل عما يحدث في مصر ولماذا هذه الثورة!!!
خلال انقلابات سوريا المتتابعة أيام الشيشكلي كانوا يقولون: من يمسك البندقية بيده اليمني وميكرفون الإذاعة بيده اليسري يحكم سوريا!!! هذا هو الذي كانوا يسمونه انقلابا.. فرق كبير بين ثورة تأتي بقائد.. وقائد يفرض نفسه علي شعب!!!
***
قد تكون ذاكرتي قد ضعفت في هذه السن المتقدمة.. لذا قولوا لي: هل جلس رئيس وزراء قبل ثورة يوليو.. أو رئيس جمهورية بعد الثورة أمام صحفي ما يستجوبه عما فعله خلال مدة رئاسته!! نعم هناك مؤتمرات صحفية عالمية عند زيارة رئيس جمهورية أو رئيس وزراء لبلد أجنبي.. وأحياناً بل دائماً هناك مؤتمرت صحفية للرئيسين في نهاية الزيارة.. ولكن ذاكرتي لم تسعفني لمعرفة أي رئيس يجلس أمام صحفي مستعداً للإجابة عن أي سؤال دون أن يعرف هذه الأسئلة من قبل.. هل هناك ثقة بالنفس أكثر من ذلك؟!
***
ومن ثقة الرجل بنفسه.. ومن ثقته أكثر بشعبه.. سار في الطريق الذي يمليه عليه ضميره..
المعادلة صعبة بالنسبة لناس.. وسهلة وطبيعية لآخرين يحبون البلد والناس والشعب.. ضميرهم يملي عليهم طريق المستقبل الطويل..
ممكن جداً بدلاً من إنجاز مشروعات ضخمة فوق كل التمنيات والخيال.. ممكن جداً صرف هذه النقود في شئون استهلاكية تسر الناس ولكن تزيد من معاناة الأجيال القادمة!!! فقرر الرجل صرف النقود من أجل مستقبل كلنا نتمناه.. ممكن جداً أن يترك معاناة الناس في الكهرباء والاسكان ويظل الصرف الصحي مختلطاً مع ماء الشرب في معظم قري الصعيد وتتحول القاهرة أجمل عواصم العالم زمان إلي لاجوس عاصمة نيجيريا السابقة!!!.. سألوه عن أسعار فواتير الكهرباء والغاز والمواصلات وغيرها.. نعم لكي تصبح شبه مجانية بعد سنوات قليلة.. بدلاً من الظلام وتوقف المصانع وتتحول العواصم إلي مقابر!!! وتستمر زيادة الأسعار.
***
لم تكن هذه إجابة الرئيس علي نفس هذا السؤال فهو رجل حبوب دبلوماسي رقيق متفائل لأبعد الحدود.. فقط أريد أن أقول أنه لا نصر ولا تقدم ولا نمر اقتصادي بل ولا قطة اقتصادية بدون معاناة مؤقتة مدة ما.. من أجل أن نبني بلدنا من جديد لأبنائنا وأحفادنا.. في 24 شهراً أنجزنا ما لم يستطع أحد أن ينجزه في 24 سنة.. والعالم كله معترف بذلك ويتهافت علينا.. ومع الأسف البعض باع نفسه للشيطان ويريد أن يكون فوق القانون!!! عجبي!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف