إذا كان الرسول صلي الله عليه قد قال في جوامع كلمه: "أتاكم شهر رمضان. شهر مبارك.." فإنه قد أكد ان أوقات هذا الشهر خير كلها "يغمر الصائم بفضل الله. وإحاطته بدعاء الأبرار" من ناحية "وتزال الأشرار عنه والاغواء والمردة الفسقة المضلين من ناحية أخري". وبالتالي "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة. وغلقت أبواب النار. وصفدت أي سلسلت الشياطين" "رواه البخاري ومسلم". وعلي ذلك فإنه إذا جاء رمضان "فتحت أبواب الجنة" وعملية "الفتح" هنا كناية عن تنزيل الرحمة وازالة القلق عن مصاعد أعمال العباد تارة ببذل التوفيق وأخري بحسن القبول. أما الغلق "وغلق أبواب النار" فإنه كناية عن تنزه أنفس الصوام عن جرس الفواحش. والتخلص من البواعث علي المعاصي بقمع الشهوات. وأما الشياطين فإنها تشد بالسلاسل حقيقة.. ويكون المراد هنا "صفدت الشياطين" انهم لا يصلون من إفساد المسلمين إلي ما يصلون اليه في غيره لاشتغالهم فيه بالصيام الذي فيه قمع الشياطين. وإن وقع شيء من ذلك فهو قليل بالنسبة إلي غيره. وهذا أمر محسوس.
وإذا كانت الرسالة الواعية عند أهل الفهم وأهل العقل تؤكد ضرورة "التعظيم لما عظم الله" فإننا نسأل ونتساءل: ما رمضان؟ أي لماذا سمي بهذا الاسم؟ وكيف يكون مدرسة للسلوك الإنساني؟ حتي يصبح الإنسان نوراني الخواطر ورباني السلوك.
اننا نؤكد في البداية ان هذا التساؤل قد حدث فعلاً لقوله تعالي: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه.." سورة البقرة آية 185 . وها هي السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "قيل للنبي يا رسول الله ما رمضان؟ فقال المعصوم محمد صلي الله عليه وسلم: أرمض الله فيه ذنوب المؤمنين وغفرها لهم" وها هم أيضا بعض المفسرين أمثال "الزمخشري في كتابه الكشاف" ص 336 ج 1 قال: الرمضان مصدر رمض: إذا احترف من الرمضاء. فأضيف اليه الشهر وجعل علماً ومنع من الصرف للتعريف والألف والنون.. فإن قلت: لما سمي شهر رمضان قلت: الصوم فيه عبادة قديمة. فكأنهم سموه بذلك لارتماضهم فيه من حر الجوع ومقاساة شدته. كما سموه ناتقاً لأنه كان ينتقهم: أي يزعجهم إضجاراً بشدته عليهم. أما في "الترغيب والترهيب من الحديث الشريف" لابن المنذري ص 97 الجزء الثاني فقد جاء فيه: "إن لفظ رمضان مصدر رمض.. وسموه بذلك لارتماضهم فيه من حر الجوع والعطش أو لارتماض الذنوب فيه". وللحديث بقية.