عبد الرحمن فهمى
حكايتي مع كلاي حكاية طويلة!!!
حكايتي مع بطل العالم محمد علي كلاي حكاية طويلة.. طويلة جداً.. تبدأ حينما اقترح علينا المرحوم أحمد مكاوي أن ندخل في مصر فكرة اختيار أحسن لاعب كرة في شهر ديسمبر من كل عام ونسميه "نجم الموسم" هام كذا.. وقد كان.. في نهاية عام 1960 أختير رفعت الفناجيلي نجماً لعام 1960 وقام بتتويجه فريق ريال مدريد بقيادة ديستيفانو وبوشكاش وباقي الفريق حتي أن المجلات والصحف الرياضية وغير الرياضية الأوروبية نشرت الخبر والصور نظراً لشعبية ريال مدريد ونجومه في ذلك الوقت.. وفي العام التالي فاز صالح سليم بلقب نجم الموسم.. ودار الحديث خاصة في النادي الأهلي حول من الذي سيقوم بتتويج النجم الكبير صالح سليم؟! أي لاعب كرة أجنبي آخر لن يكون في شهرة ونجومية وعالمية ديستيفانو.. والغيرة والتنافس بين صالح والفناجيلي طول عمرهما قصة معروفة ومشهورة.. وكان حديثنا في "الجمهورية" يدور حول هذه الحكاية ليل نهار.. خلال هذه المناقشات فاز محمد علي كلاي ببطولة العالم رغم أنف أمريكا التي وضعت أمامه من يسمونه "ليستون الشرير" وما أدراك بليستون هذا.. عبارة عن "حائط أسمنت" لا تجدي معه أية لكمات وحكاية "الخرطوم" وهو وصف ذرع كلاي الطويلة جداً جداً أكثر من أي شخص آخر.. حكاية لا تجدي مع هذا الحائط.. ومن باب الاحتياط قررت أمريكا إقامة المباراة في لندن بعيداً عن أمريكا وبعيداً عن الجمعيات السوداء المسلمة التي تملأ المدرجات وتشجع كلاي بجنون.. ورغم كل ذلك سقط ليستون الشرير تحت أقدام كلاي مغمي عليه وعيناه مفتوحتان علي الآخر ولا ينطق ولا يسمع واتضح أن لكمة في منتهي القوة مباغتة اصطادت رأسه وكلاي يردد في سره آيات الذكر الحكيم..
هذه المباراة شاهدها العالم كله وكان صداها إعلامياً يفوق صدي أي خبر آخر.. واعتبر كلاي في أيامها أشهر شخصية عالمية.. هنا جاء تليفون أحمد مكاوي في الصباح الباكر:
اصحي. تعالي بسرعة. وجدناها.. كلاي يتوج صالح سليم!!
كان حالماً.. كلاي في مصر.. هل هذا معقول.. اتصلت بمصطفي البحيري الملحق بسفارتنا بلندن حيث يوجد كلاي وهو يعتبر مراسلنا بلندن ولاعب هوكي قديم بالزمالك وكان يعمل معنا قبل سفره إلي لندن وسألت مصطفي البحيري عن إمكانية مجيء كلاي إلي مصر فقال لي إن كلاي يعشق عبدالناصر ولو جاءت الدعوة من الرئيس سيسافر إليكم فوراً.. اتصلت فوراً بالمرحوم صلاح الشاهد كبير الياوران "بيننا صلة قرابة" واقترحت عليه دعوة كلاي وهو في قمة الشهرة في هذه الأيام.. فرحب بالفكرة أيما ترحيب وقلت له: اتصل بسفيرنا في لندن ستجده عنده فكرة عن الموضوع وقد كان. حضر كلاي ومعه 16 فرداً وقطعت سفارتنا 17 تذكرة طيران من لندن إلي القاهرة ونزلوا في شيراتون.. وبعد يومين كان كلاي في "الجمهورية" يقوم بتتويج صالح سليم والصور علي جدران منزله حتي الآن!!
وبعد زيارة عبدالناصر وتتويج صالح بدأ كلاي ينتهز الفرصة ويطلب من البحيري السفر إلي الاسكندرية ثم الأقصر وأسوان.. فكان لابد من العودة إلي المرحوم صلاح الشاهد من أجل تليفون لوزارة السياحة لتتولي العملية وكان المرحوم عبدالحميد حمروش المدير العام في "الجمهورية" قال لي: الفواتير في الفندق نار!! فما بالك بالسفريات.
المهم.. تولت وزارة السياحة تكاليف السفريات المحلية بطائرة شارتر خاصة.. وبقيت مشكلتان عويصتان.. فاتورة شيراتون وتذاكر السفر إلي أمريكا ل 17 فرداً!!!
في جنح الليل.. متتكئاً علي ذراع مصطفي البحيري نبحث عن رقم عمارة المرحوم صلاح الشاهد الذي اتصلت به لينتظرنا.. ورأيت أن الهجوم خير وسيلة للدفاع.. قلت للشاهد: فندق شيراتون مستعجل لسداد الفواتير.. ومن في وزارة السياحة الذي سنعطي له جوازات السفر ليقطع تذاكر العودة!!!.. وقد كان.. كسبت "الجمهورية" من كل الوجوه مكاسب رهيبة.. ولم ندفع جنيهاً واحداً!! وإلي قصة أخري من قصص كتاب "كلاي قبضة حب" الذي سينزل في السوق.. قريباً بإذن الله تعالي.