بسيونى الحلوانى
الدفـــــــــع.. أو الحبــــــــــس!!
أتمني أن تتمكن الدولة خلال الأيام القادمة من استرداد الأراضي المغتصبة والأموال المنهوبة وأن تتخذ من القرارات والمواقف الجادة والحاسمة ما يدفع كل لصوص المال العام إلي المبادرة بإعادة ما نهبوه خلال عصور سابقة من أراض وأموال ومصانع ومنشآت حتي ولو كانت أوراق سرقاتهم "محبوكة" وأدلة جرائمهم مطموسة. فالدولة بأجهزتها القانونية لن تعجز عن كشف جرائم اللصوص والمستغلين لمناصبهم ومواقعهم في أنظمة فاسدة كما انها لن تعدم الوسيلة التي تسترد بها حقوق المصريين الشرفاء التي اغتصبها اللصوص في عصور الفساد.
الأراضي التي استعادتها لجنة استرداد أراضي الدولة التي يرأسها المهندس ابراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية خلال الأسابيع الماضية والتي تقدر بـ 350 مليون جنيه لا تمثل أي نسبة في الأراضي المنهوبة ولا ينبغي أن يقف نشاط هذه اللجنة عند المستثمرين أو اللصوص الصغار الذين حصلوا علي عدة أفدنة لزراعتها فحولوها إلي قصور ومساكن فاخرة وباعوها وربحوا من ورائها عدة ملايين لأن معظم أراضي الدولة حصل عليها "حيتان كبار" حصدوا من ورائها المليارات ولا تزال الأرض في حوزة بعضهم بمساحات ضخمة. كما ان أدلة فسادهم تزدحم بها ملفات هذه الأراضي التي حصلوا عليها دون وجه حق ودون أن يدفعوا فيها ما تستحق من أموال.
لذلك ينبغي أن ترفع الدولة الآن عبارة الدفع أو الحبس في وجه هؤلاء الفاسدين الذين نهبوا أراضي الدولة بسعر المتر بجنيه بالتقسيط المريح من أجل إقامة مشروعات تنموية عليها تستوعب الشباب العاطل وتسهم في تنمية حقيقية يستفيد منها الفقراء.. ثم أقاموا عليها قصوراً وفيلات ووحدات سكنية فاخرة باعوها بمليارات لمن يمتلكون المال وهؤلاء معروفون بالاسم ويحتمون في فضائيات تشعل النار يومياً في مصر ولم تتخذ الدولة حيالهم أي إجراءات لاسترداد حقوق الشعب التي نهبوها بحكم قربهم من رؤساء سابقين أو مشاركتهم لأولادهم في مشروعات فاسدة.
***
لابد أن نعترف بكل صراحة وشجاعة بأن مواجهة الفساد من الملفات المحبطة للمصريين وتساؤلات المواطنين علي مختلف ميولهم وتوجهاتهم ومستوياتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية حول خطوات الدولة في مواجهة الفساد لا تتوقف وهذه التساؤلات المشروعة مطروحة علي مائدة حوارات كبار المسئولين في الدولة والسبب شعور المواطنين ببطء الأجهزة المسئولة في تعقب الفاسدين وتقديمهم للعدالة وهذا الشعور من شأنه أن يغري كثيرا من ضعاف النفوس بممارسة فساد جديد وسرقة كل ما تصل إليه أياديهم الآثمة من المال العام ولذلك ينبغي أن تضاعف كافة الأجهزة الرقابية من جهودها وأن تتعقب كل من استغل نفوذه في تحقيق مكاسب شخصية وفي الحصول علي أراض وأموال دون وجه حق مهما كانت الجهة التي ينتمي إليها والشعارات التي يحتمي بها.
منذ أيام قرأت تقريراً عن شخصيات عامة تولت مناصب قيادية رفيعة خلال السنوات الماضية حصلت علي مساحات شاسعة من أراضي الدولة بـ "ملاليم" استنادا إلي موافقات من كبار المسئولين في الزراعة في عصور الفساد وهذه التقارير المتداولة والتي توظفها الجماعات المتآمرة علي مصر والتي تسعي بكل جهودها إلي تشويه صورتها في الداخل والخارج ينبغي أن ترد عليها الأجهزة الرقابية وقد دخل النخبة علي الخط وقال بعضهم "كما نحاسب هشام جنينة علي كلام غير صحيح ردده عن حالة الفساد في مصر يجب أن نحاسب الفاسدين والمستغلين لمواقعهم ومناصبهم في ممارسة الفساد علي الأرض".
وهنا لا ينبغي لأحد أن يحتمي بثورة أو توجه سياسي ليغطي علي تجاوزاته وينفي فساده. فمواجهة جماعة الإخوان المسلمين والمساهمة في إزاحتهم عن حكم مصر ليست صكاً لتبرئة شخص من تجاوزات ارتكبها. كما انها ليست مبرراً للسكوت علي مال عام آل إليه في أي عصر دون وجه حق.
***
ملف الفساد في مصر يحتاج إلي مواجهة حاسمة. فلصوص المال العام ينتشرون داخل مصر وخارجها وينبغي التحرك لمواجهتهم واسترداد حق الشعب منهم بخطوات أكثر سرعة فمنذ قيام ثورة يناير والدولة تعد المصريين باسترداد ما نهبه اللصوص من ثروات وإعادتها إلي خزينة الدولة ولابد أن نعترف ان ما عاد هو أقل القليل ومازال اللصوص يستمتعون بما نهبوه من أموال وأراض دون أن تتمكن الدولة بأجهزتها الرقابية والقضائية من استرداد ما سرق من خيرات الوطن تحت سمع وبصر وبمعاونة من بعض قياداته السابقين.
مواجهة الفساد لا تحتاج سيفا قاطعا.. وإلي مواجهة حاسمة حتي لا يفقد الشعب الثقة في الدولة وأجهزتها المعنية بمكافحة الفساد.