الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
أضخم وأطول جنازة في العالم
لا أعتقد ان هناك جنازة لرياضي علي مدي التاريخ كله سار خلفها 14 ألفاً من البشر!!!.. كما فاقت الكثير من جنازات القادة السياسيين.. فمحمد علي كلاي رجل غير عادي.. حينما كان رياضياً حطم كل الأرقام القياسية وأتي بالمعجزات.. لا يوجد بطل ملاكمة أو غير ملاكمة في التاريخ يفوز ببطولة العالم ثلاث مرات متتابعة.. في البطولة الأخيرة.. قرروا تجنيده ليحارب في فيتنام فرفض لانها عدوان علي أناس آمنين لم يفعلوا شيئاً ضد أمريكا وهذا حرام شرعاً فقرروا سجنه ثلاث سنوات.
قالوا له: عمرك ما كنت جباناً تخشي الحرب.. والذنب في مقاتلة شعب مسالم ذنب الدولة أمريكا وليس ذنبك أنت..
فكان رده: انني علي يقين ان لن أعود إلا محمولاً في نعش.. والرصاصة لن تكون من الأمام.. رصاصة من الخلف مصوبة إلي رأسي في انتظاري هناك!!! الآن..
وبعد أن خرج من السجن بعد ثلاث سنوات أرادوا إذلاله.. نعم سحبوا منه لقب بطل العالم.. ولكن زيادة في الانتقام منه.. قرروا أن يلعب أمام "ليستون الشرير" الذي أعطوه لقب بطل العالم دون فترة تدريبية كافية وتكون المباراة في لندن بعيدا عن الجمهور الذي يحبه.. كان التخطيط ان يوقع ليستون كلاي علي الأرض عشرات المرات مع رفس بالرجل والحكام الأمريكان يتغاضون عن أي خرق للقانون.. كان المطلوب ـــ كما قيل في الصحف أيامها ـــ المطلوب "علقة وليس مباراة" فإذا بذراع كلاي المسماه بالخرطوم يطولها بكل قوة من السماء وهو يتلو ذكر الحكيم تصطدم برأس ليستون فيسقط تحت قدمي كلاي مغمي عليه لا يري ولا يتكلم ويفوز كلاي بلقب بطل العالم لثالث مرة.. ويطلق علي نفسه لقب "الأعظم" وإن كان الآلاف الذين ساروا في الجنازة سموه "بطل الشعب حبيب الشعب".
***
لم يكن 14 ألفاً يسيرون في جنازة بطل أمريكي.. فهناك مئات ـــ بل أكاد أقول آلافاً من الأبطال وفي أمريكا بالذات التي تفوز بكل بطولات الأولمبياد منذ أيام "جبل الأوليمب" في اليونان منذ عدة قرون.. 14 ألفاً أو يزيدون علي رأسهم ملك واثنان من رؤساء الجمهوريات يحضرون صلاة الجنازة خلف إمام اسمه الشيخ زيد شاكر المشرف علي مساجد السعودية المنتشرة في أمريكا الذي قبل أن يبدأ الصلاة يطلب من الحضور غير المسلمين كل يصلي حسب تقاليد دينه.. فالدين لله..
وأضاف الشيخ زيد شاكر: ان محمد علي له أهمية خاصة لدي المسلمين لذا علينا وداعه وتكريم ذكراه والسير علي خطاه وأن نحب بعضنا بعضاً كما كان يدعونا اليه دائماً.
وبعد الصلاة تبدأ جنازة في مسيرة طويلة لم تحدث من قبل قط ثلاثون كيلو متراً تمر أمام معالم كثيرة كانت رمزاً في حياة بطل القرن العشرين.. مسيرة شملت منزل طفولته والمتحف الذي يحمل اسمه ثم مركز الإرث الافريقي ـــ الأمريكي الذي يصف حياة السود وكانت نقطة بداية انتشار الدين الإسلامي في أمريكا..
لم يودع 14 ألفاً من البشر مجرد بطل رياضي.. كانوا في وداع رجل وقف وحده أمام أكبر وأغني وأعتي قارة بأكملها.. وانتصر عليها بفضل "لا إله إلا الله محمد رسول الله".. رجل غير عادي حفظ القرآن باللغة العربية وعمل بكل تعاليمه.. وبقدر الامكان حاول نشرها في ربوع قارة كبري مليئة بكل الجنسيات والأديان والأفكار والتقاليد.
***
وكالات الأنباء أبرزت حكاية المشهد الأخير.
ابتعد الجميع ولم يقف أمام وداخل المدفن إلا أولاده والمقربون اليه مع الممثل الأمريكي الشهير "ويل سميث" وبطل العالم في الملاكمة السابق "لينوكس لويس" وهما اللذان حملا النعش والدخول به داخل القبر والشيخ زيد شاكر واقفاً علي رأسه يكرر بعض الآيات "ولا إله إلا الله محمد رسول الله".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف