المساء
محمد جبريل
ع البحري - عبدالحليم حافظ
تعرفت إلي اسم عبدالحليم حافظ ــ للمرة الأولي ــ في مناسبة أتذكرها جيداً. وطالما تذكرها هو أيضا. كنت في الرابعة عشرة. أو نحوها. عندما صحبني أحد أقاربي إلي مسرح الآزاريطة. أشاهد حفلاً نجمه الأول مطرب اسمه عبدالحليم حافظ.
لم يكن عبدالحليم صوتاً معروفاً. بالنسبة لي علي الأقل. أذكر أني استمعت اليه في أغنيتين: يا حلو يا اسمر. ولقاء. وأحببت الأغنيتين. لكنني كنت أحب ــ في الوقت نفسه ــ محمد قنديل في "الغورية" و"أهل اسكندرية". ومحمد فوزي في معظم أغنياته. وكنت مفتوناً بصوت ليلي مراد.
كان ذهابي إلي ذلك الحفل الساهر مناسبة يصعب أن تخطئها ذاكرتي. فقد كانت تلك هي المرة الأولي التي أذهب فيها إلي حفل ساهر. كان التردد علي تياترو أحمد المسيري في شارع التتويج. أيام عيدي الفطر والأضحي. هو تعرفي الوحيد ــ قبلها ــ إلي دنيا المسرح الغنائي. صحبني والداي. في صباي الباكر. إلي فوزي منيب. وان كنت لا أذكر ماذا شاهدت علي وجه التحديد. بل اني لا أذكر طبيعة العروض التي قدمتها فرقة المسيري. عدا أغنية عبدالوهاب الشهيرة "ياللي زرعتوا البرتقان" تغنيها الفرقة في بداية كل عرض. وعند انتهائه.
لك أن تتصور مشاعري وأنا أعد نفسي للذهاب إلي حفل عبدالحليم.. لكن المفاجأة كانت في انتظاري علي مبني مسرح الأزاريطة. فقد رفعت صورة الفنان الذي أتيت لأشاهده واستمع اليه ــ ولم أكن حتي أمني النفس بذلك وأنا أستقل الأوتوبيس في طريق الكورتيش ــ ووضعت مكان الصورة صورة مطرب آخر. كان مشهواً آنذاك. هو كارم محمود. وبالطبع فقد دخلت وشاهدت واستمتعت.
بالمناسبة: كارم محمود مطرب أحبه لم أناقش بواعث تغيب مطرب الحفل. واحلال مطرب آخر مكانه. شغلني الحفل في ذاته. وأدهشتني العلاقة بين الراقصة ــ اسمها هرمين ــ ومتقدمي الصفوف من الحضور. تبدت في عبارات اعجاب بذيئة. قابلتها استجابة من الراقصة في التأود والتثني. وأعجبتني فقرة الساحر. ثم عرفت ــ فيما بعد ــ أن تلك الأمسية كانت هي التالية لطرد الحاج صديق ــ متعهد الحفلات ــ عبدالحليم حافظ من فوق خشبة المسرح بعد ان غني "أيها الراقدون تحت التراب". وكانت "أيها الراقدون" التي غناها الحاج صديق. هي رائعة عبدالحليم "ظالم".. لكن ذلك كان رأي الرجل!
كانت تلك هي بداية تعرفي إلي عبدالحليم حافظ استمعت إليه في أغنيات قليلة. دون أن يلفت انتباهي بتميز مغاير لما يقدمه مطربو الفترة. فلما أتيحت لي فرصة مشاهدته. وسماعه عن قرب. كان قد عاد إلي القاهرة وهو يعاني صدمة تحدث عنها ــ فيما بعد ــ كثيراً .. لكنني أعطيته انتباهي شيئا فشيئا. حتي فرض تميزه وامتيازه. وأصبح ذلك المعلم الفني والاجتماعي والسياسي. في آن معاً. في حياة جيلنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف