المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
في المدينة المنورة كان لمصعب بن عمير مهام حرص علي أن يؤديها علي أكمل وجه وبعد أن استقر به المقام لدي سعد بن زرارة وفي مقدمة اهتمامات مصعب تحفيظ القرآن لمن هداهم الله للإسلام ويفقههم بأحكامه وكل أمور دينهم وتقديراً لدوره الذي كان يسترعي أنظار المتابعين لنشاطه. أخذ ينشر قيم الإسلام ووسطيته واعتداله متمسكاً بمكارم الأخلاق التي كان قد تعلمها من رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينة المنورة ومما تناقلته كتب السيرة والتراجم انه أول من جمع الناس في الجمعة بالمدينة المنورة لانه كان أول المهاجرين الذين قدموا المدينة ثم جاء بعده أخو بني عبد الدار كما يقول البراء بن عازب وبعدهما جاء عمرو بن أم كلثوم وبعده عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن مسعود وبلال ثم عمر بن الخطاب لكن مصعب استمر في المهام التي كلفه بها رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل أن يخرج من مكة.
وخلال تواجد مصعب بن عمير بالمسجد جاءه أسيد ابن خضير وسعد بن معاذ وكلاهما سيد في قومه وحين جلس الأول معه قال له: ماذا تفعل يا رجل؟ قال له: اجلس معنا واستمع فإن أعجبك فاستمر معنا وبكل حكمة أردف قائلاً: وإن لم يعجبك انصرف بكل مودة استجاب اسيد بن خضير وأخذ يستمع علي الفور تسلل نور الدين الحنيف وآيات القرآن الكريم إلي قلب أسيد فأسلم ثم قال لمصعب دعني أذهب إلي قومي لعل الله يهديهم للدين الحنيف خاصة انني مسموع الكلمة بينهم فتركه وانصرف. وعندما جا ء دور سعد بن معاذ حدث مع مصعب نفس ما جري مع أسيد وانطلق الاثنان كل منهما توجه إلي قومه فاستجاب الجميع وهم من قبيلتي الأوس والخزرج. وتناقلت الأخبار إلي رسول الله في مكة فاستبشر خيراً وتلك حكمة رسول الله صلي الله عليه وسلم يختار الرجل المناسب للمكان المناسب وبفضل هذه الحكمة النبوية انتشر الإسلام علي يد رجال تربوا في مدرسة النبوة الأولي التي انطلقت في بدايتها بدار الأرقم.
مصعب بن عمير من الذين أنعم الله عليهم بالتوفيق والهداية وتحمل في سبيل الدعوة المحمدية الكثير من الأعمال التي قام بها من أجل نشرها بكل همة ونشاط ويقول سعد ابن أبي وقاص كنا قوماً نعاني شظف العيش وخشونته وحين كان يصيبنا البلاء فإن الصبر كان هو البلسم للشفاء والاحتمال بينما كان مصعب بن عمير أنعم غلام بمكة وأجود حلة وملابس مع أبويه يضيف سعد: لقد رأيت مصعب في الإسلام رجلاً آخر فكان معنا في الكثير من شظف العيش حتي لقد رأيت جلده يتقلص. مثل جلد الثعبان شديد الالتصاق بجسده. هكذا تحول مصعب في الإسلام إلي قوة لا تعرف التراجع وسبحان مغير الأحوال تناسي مصعب أيام أفضل الملابس والعطور وفضل العيش في رحاب المصطفي صلي الله عليه وسلم لأن نعيم الروح أفضل وأهم من نعيم الجسد الصدق ديدن مصعب عمله الجاد هو الطريق المفضل لديه حرص علي حضور كل المشاهد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد كان مصعب المثال والنموذج في الصبر والأداء الممتاز يتقدم الصفوف غير هياب يقتحم أصعب المواقف بكل قوة وبلا أي تقاعس.
يكفي مصعب بن عمير شرفاً انه كان وراء دخول معظم قبيلتي الأوس والخزرج في دين الله وتناسي الجميع خلافاتهم وحروبهم التي استمرت أزمنة طويلة تلك صفات أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم نور الإسلام يتجلي في معاملتهم مع الآخرين نصب أعينهم قول الله: "أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" لكن أين من يدعون الانتساب إلي الإسلام من هؤلاء الرجال. لقد شوهوا الدين الحنيف ومبادئه ويكفي أن نلقي نظرة علي صراعات المتطرفين ودعائة العنف في البلاد العربية من حولنا ولا حول وولا قوة إلا بالله ولازلنا مع مصعب بن عمير في حديث عنه غداً بإذن الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف