محمد الشحات الجندى
العنف ضد المرأة .. ضوابط الضرورة
حالة عدم الاستقرار في العلاقات الزوجية عن عدة عوامل منها التفكير الجاهلي لبعض الذين اختطفوا الدين واحتكروه لأنفسهم واجتزءوا احكامه ولم يتفهموا منظومته في بناء وتصريف شئون العلاقة بينهما وقصرت افهامهم عن ادراك مقاصدها في تأسيس نظام اجتماعي عادل ورشيد وصوروا المرأة كمتاع للرجل لا حق لها في ابراز شخصيتها وابداء رأيها وسماع مشورتها وانها قرينة الشيطان فيجب أذن ان يكبح جماحها. ولم يعيروا اهتماماً بالنصيحة والموعظة الحسنة وقفزوا الي الوسيلة الثالثة. فعطلوا منظومة التعامل مع الزوجة من خلال الآليات الثلاثة التي نصت عليها الآية والواجب في ظل الحالة المتردية. وهو ان الزوجة ناشزة علي الزوج وعلي واجبات الميثاق الملتزمة به. وعلي أصول الحياة الزوجية. وفي المقابل فإن زوجها يعمل علي ودها عن غيها وتمردها عليه. ويسعي بالنصح والهجر ان يجعلها تقلع عن عنادها ورفضها ويسعي جاهداً علي إعادة الاستقرار العائلي المفقود.
ومن الجلي ان نتحكم الي تصرف النبي أيوب كوسيلة استثنائية. وكملجأ أخير. وبأداة كالسواك. ليستخدمه أمام زوجة متسلطة عليه. استمرأت العصيان والاستعلاء واعلنت التحدي له كشريك لحياتها وعلي مؤسسة الزواج فلم تحفظ له حقاً. ولم تستجب لمساعيه أو رجائه وتوسلاته. فماذا يفعل زوج يتقي الله في زوجة متجبرة ومستعلية عليه. تصول وتجول بكبرياء عليه وبغير حياء ولا رادع يزجرها أو وسيلة تكبح جماحها. فهذا هو المسوغ لاستعمال الزوج لضرب رمزي لهذه الزوجة. بقوله تعالي: "فخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث" أما الضوابط فهي:
1- ان يكون التأديب خفيفاً كما في السواك وما علي شاكلته كما أشرنا.
2- ان يتوقي التأديب في المواضع الحساسة في الجسد. كالوجه. فهو الذي تظهر به الزوجة أمام الناس فلا يمسه بسوء. ومواضع العورات لخطورة ما يترتب علي المساس بها. وهكذا.
3- ان تكون الإساءة أو التكبر قد بلغ منتهاه لدي الزوجة. بلا أمل في الاستجابة للزوج في التوقف عنه. ومراجعة نفسها في تجبرها وعصيانها.
4- ان يستنفد الزوج كل وسائل الإصلاح المتاحة مما نصت عليه الآية. والتزاماً بالهدي النبوي في إكرام الزوجة والاحسان إليها.
وإنما أبيح للزوج هذه الرمزية في الضرب لزوجته علاجاً لحالات نادرة. ونماذج شازة ناشزة. كعلاج أشبه بالعملية الجراحية لإنقاذ الحياة الزوجية. لأن القول بغير ذلك يكون إجازة ظلم الزوج الزوجة. وحاشا لله عز وجل ان يرضي بظلم المرأة أو يجيز ذلك الظلم في النص القرآني. قال الشافعي: فجعل لهم الضرب وجعل لهم العفو وأخبر ان الاخيار يتركون الضرب وعلي المناوئين لموقف القرآن في طريقة الاصلاح الزوجي. ان يتفهموا مغزي هذا الموقف. وان يتبصروا الإحاطة التامة بأحوال الرجل والمرأة وطبائع كل منهما. واختلاف الأمكنة والأزمنة والثقافة السائدة. وهي سمة التشريع الإلهي. بعالميته. وإدراكه لسلوكيات الرجل والمرأة في شمول كل البيئات البدوية والحضرية وفي المناخ والأجواء التي تعيش فيها الإنسان: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" "الملك:14".