وطبيعى أن يكون الجهل أو مرادفه التعليم السيئ هو بوابة كل شر . ومن اللافت للنظر وهو أمر جيد نظريا أننى لاحظت فى الفترة الأخيرة
حديثا كثيرا عن التعليم . ومما قرأته أن التعليم فى كثير من معاهدنا ومدارسنا من أدنى مراحل التعليم إلى التعليم الجامعى هو المناخ الحاضن لداعش واخواتها بمعنى آخر الحاضن للارهاب .وأحب أن أشير هنا إلى المقالات الرائعة علمياً وفقهيا التى يكتبها وزير الأوقاف فى مصر الدكتور/ مختار جمعه . أنا أقرأ مقالات هذا الرجل وأسعد بها وادعو له بأن يجزيه عن أمته العربية كل خير وأن يعزّ به الإسلام . وكم ارجو أن يكون كل رجال الدين من هذا الطراز الذى يجمع بين الاتقان العلمى والاتقان الفقهى .عندما كنت طالباً فى كلية الحقوق جامعة القاهرة فى أواخر النصف الأول من القرن الماضى كان يدرس لنا المرحوم الأستاذ/ عبد الوهاب خلاف مادة أصول الفقه وهى أقرب إلى علم فلسفة القانون . وكان الأستاذ المرحوم الشيخ/ عبد الوهاب خلاف رائع الإلقاء واضح الكتابة وكنا نجلس أمامه وكلنا آذان صاغية ، وعقول تحاول أن تعى ما يقول الأستاذ الكبير .
وكان يحاضرنا أيضاً الأستاذ الكبير الشيخ/ محمد أبو زهرة رحمه الله واثابه خيراً وأيضاً كان يحاضرنا الأستاذ الشيخ/ على الخفيف . كانوا أساتذة عظاما وكنا نجلس أمامهم ونحن نقدر معنى الأستاذية ومعنى الاستنارة .
وكم أشعر بالفارق البعيد بل والرهيب بين الأمس واليوم ليس فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة فقد تكون هذه الكلية أفضل كثيراً من غيرها ولكن أقصد الفارق البعيد بين هذا المستوى الذى تحدثت عنه وما نراه فى هذه الأيام فى كل معاهد التعليم .
والمشكلة الكبرى أن الجهل والفقر يجعل الغالبية من الجمهور فريسة للمتخلفين .
وأجد نفسى بعد أن ذكرت اسم فضيلة وزير الاوقاف أن اذكر ومن باب أولى الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب الذى يبشر بإسلام وسطى مستنير لا يرضى الجهلة والأغبياء والارهابيين .
ولا يجوز لى هنا ألا أذكر البابا تواضروس رأس الكنيسة الارثوذكسية وكنيسة الاسكندرية العريقة التى تأسست منذ قرون .
وارجو أن يسمح لى أيضاً بأن أشير إلى الصديق العزيز القس / اكرام لمعى الذى يقول فى مقال حديث له إن داعش وأخواتها صارت أملا للشباب الناقم على الحضارة الحديثة، كل هؤلاء رجال دين وكلهم بالغو الاستنارة دينا وسياسة .
ولكن هؤلاء جميعاً تأثيرهم يظل محصوراً فى نطاق محدود . هو نطاق المثقفين والذين يُعملون عقولهم وهم فيما أظن وارجو أن يكون ظنى فى غير محله قلة فى هذا البلد .
ولكن الكثرة وذلك نظراً لكارثة الجهل والفقر الذى يوشك أن يحصد نحو أربعين فى المائة من الشعب المصرى هؤلاء الذى يقتربون من نصف سكان مصر يسمعون إلى الضالين والمضللين الذين لا يفهمون ولا يعرفون أن نبى الإسلام ارسل رحمة للعالمين وأن القرآن الكريم يقول بوضوح {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} .
وأخيراً أقول إن علينا معشر المثقفين أو من يفترض فينا أننا مثقفون ومن أهل الاستنارة عبئا كبيرا من أجل إنقاذ الشعب المصرى بل والأمة العربية كلها من شرور وأدران الفكر السقيم المتخلف
والله المستعان .