المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
من الذين ثبتت عقيدة التوحيد في صدورهم وأنارت الطريق امامهم فسلكوا سبيل ربهم لا يضرهم من خالفهم. من هؤلاء الرجال معن بن عدي بن العجلان بن ضبيعة من أهل المدينة وحليف بني عمرو بن عوف. ومنذ أن وصل أخبار دعوة المحمدية المدينة المنورة كان "معن" من بين الذين سارعوا للسفر الي مكة للتعرف علي أسرار هذه الدعوة وصاحبها وكانت لديه اهتمامات خاصة بمعرفة كل الحقائق. وبمجرد الوصول الي أم القري أخذ يبحث مع رفقائه عن الرسول صلي الله عليه وسلم ومكان تواجده ولم يلتفتوا الي أقوال أهل مكة الذين يحذرون كل الوافدين الي البلد الحرام من الانضمام الي دعوة الحق التي نادي محمد بن عبدالله وأخذوا يتتبعون أماكنه حتي تمكنوا من لقائه وبمجرد أن شاهذوا الأنوار النبوية وسمعوا من الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم مبادئ هذا الدين الجديد الذي يدعو إلي عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام قاموا بالانضمام الي دعوة الحق في التو واللحظة لانها صادفت فطرتهم التي فطرهم الله عليها.
وفي هذا اللقاء وبعد الدخول في الدين الحنيف قام هذا الوفد بمبايعة الرسول صلي الله عليه وسلم وكانت تلك هي بيعة العقبة ومن الذين شهدوها معن بن عدي ثم عاد هذا الوفد الي ديارهم والسرور يملأ جوانبهم وفي داخلهم اصرار علي مناصرة الرسول صلي الله عليه وسلم ودعوته التي استقرت في قلوبهم وحين أذن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم لاصحابه بالهجرة الي المدينة المنورة بعد بيعات العقبة التي تمت مع الرسول كان أهل المدينة علي مستوي المسئولية فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم لاستقبال إخوانهم من المهاجرين وكان من نصيب "معن بن عدي" زيد بن الخطاب حيث أخي بينهما رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد ضمهما منزل واحد وقد وفد معن لزيد بن الخطاب المهاجر من مكة كل وسائل الراحة سواء في الاقامة أو توفير احتياجاته المعيشية وتلك هي طبيعة أهل المدينة وليس معن بن عدي وحده وقد امتدح الحق تبارك وتعالي أهل المدينة المنورة واسلوبهم في التعامل مع المهاجرين قال تعالي : "والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" 9 الحشر.
وقد شهد معن بن عدي المشاهد كلها في بدر وأحد وكان مقاتلا لا يخشي الاعداء وقد طال به العمر حتي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وشارك في حرب اليمامة التي دارت فصولها ضد مسيلمة الكذاب الذي ادعي النبوة ومن المصادفات أن معن بن عدي وزيد بن الخطاب قد استشهدا في هذه الحرب ورحل الاثنان شهيدين في سبيل الله بعد أن أبلي كل منهما بلاء حسنا في حرب اليمامة ومن أقوال معن التي سجلتها كتب التراجم خاصة "أسد الغابة في معرفة الصحابة" فقد روي أنس بن مالك عن سالم عن أبيه قال : بكي الناس علي رسول الله صلي الله عليه وسلم حين مات. وقالوا : والله لوددنا أنا متنا قبله. نخشي أن نفتن بعده لكن معن بن عدي قال : لكني والله ما أحب أن أموت قبله. لا صدقه ميتا كما صدقته حيا" وهكذا كان حب الرسول صلي الله عليه وسلم قد تمكن من قبل "معن بن عدي" تلك هي طبيعة أهل الايمان في كل زمان ومكان وفاء واخلاصاً بلا حدود.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف