بوابة الشروق
عماد الدين حسين
حوار سريع مع دبلوماسى يمنى
فى مطار شرم الشيخ التقيت سياسيا يمنيا. الرجل كان يشغل منصبا تنفيذيا مهما حتى أسابيع قليلة مضت قبل أن ينقلب الحوثيون على الشرغية والتوافق والرئيس عبدربه منصور هادى وعلى البلد بأكمله.
يمكنك أن تصف هذا السياسى بأنه عروبى ومن مؤيدى الشرعية بطبيعة الحال، مذهبه سنى مثل غالبية اليمنيين، وأقول هذه الصفة وكلى أسف حتى يفهم القارئ خلفية المتحدث وطبيعة كلامه ومواقفه. الرجل كان يلتقى الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى بصفة منتظمة قبل الخروج من عدن.
والكلام الذى يقوله هو أن غالبية الإعلام العربى المؤيد لعملية عاصفة الحزم لا يقدم للمتابعين الصورة الكاملة كما هى على الأرض الآن. هذا الأمر قد يؤدى من وجهة نظره إلى رفع سقف توقعات الجمهور بصورة مبالغ فيها وبعدها قد يصاب بإحباط شديد.
يقول الرجل إن الصراع لن يحسم خلال أيام أو أسابيع كما يتوقع البعض بل هو مرشح لأن يطول لشهور لسبب جوهرى هو أن هادى لا يملك عمليا قوات على الارض بل مجموعات صغيرة من اللجان الشعبية وفى مناطق قليلة جدا فى الجنوب. فى المقابل غالبية القوات الموجودة على الأرض موزعة بين أكثرية تدين بالولاء للرئيس السابق على عبدالله صالح والبقية للحوثيين. إضافة إلى مسلحى تنظيم القاعدة أحد أكبر المستفيدين من الصراع الحالى ومعهم جماعة الإخوان التى لم تواجه الحوثيين أثناء اجتياحهم للمحافظات خوفا أن يسحقها تحالف صالح مع الحوثيين، وحتى تحتفظ بقوتها للصراع الأكبر، وبالتالى الحصول على ثمن سياسى كبير.
فى تقدير هذا السياسى فإن عدم وجود قوات لهادى على الأرض تعنى أن القصف الجوى قد يستغرق زمنا، وبعدها، فالمتوقع ألا يستسلم الحوثيون وصالح بل يعودوا إلى طاولة المفاوضات وبعدها يمكن الحديث عن شراكة سياسية من غالبية مكونات المجتمع اليمنى، والتى تتميز بالتعقيد الشديد.
يضيف السياسى اليمنى أن الحوثيين أقلية، وقد لا يزيد عدد الزيود فى اليمن على عشرين المئة علما بأنه ليس كل زيدى هو بالضرورة حوثيا بل ان بعض الزيود يتحفظون على الطريقة التى تصرف بها الحوثيون، ليس فقط فيما يتعلق بالانقلاب، بل الارتماء فى أحضان إيران. لكن المشكلة انهم أى الحوثيين يملكون قوات منظمة ومدرية، ولديها تسليح جيد إلى حد كبير. ويجزم السياسى اليمنى إنه ما كان بإمكان الحوثيين ان يستولوا على السلطة بهذة الطريقة السريعة لولا القوات التى تدين بالولاء لعلى عبدالله صالح الذى أراد الانتقام من الجميع، وظن أنه سيقضى على الحوثيين بعد أن يستخدمهم كسلم يعود عبره إلى السلطة، وهو نفس التفكير الذى فكر به الحوثيون. بنفس هذا التفسير ــ أى دور قوات صالح ــ يمكن فهم لماذا توغل الحوثيون فى مناطق الجنوب رغم أنه لا توجد لديهم أى قاعدة جماهيرية أو اجتماعية هناك؟
ويخشى السياسى اليمنى أن يؤدى امتداد الصراع إلى إعادة اليمن قرونا إلى الوراء خصوصا فيما يتعلق بوضع بذور حرب أهلية مذهبية يدوم عقودا، وتدمير البنية التحتية فى بلد يعانى أساسا من نسب فقر كبيرة ومشاكل حادة فى غالبية القطاعات الخدمية خصوصا التعليم والصحة.
ويختم السياسى اليمنى رؤيته السريعة بالقول إنه وبعد أن تنتصر الشرعية، ويندحر الانقلاب فإنه لا يتوقع أن يعود منصور هادى إلى السلطة مرة أخرى لأنه كان سببا فى ضياعها بتردده وضعفه وعدم امتلاكه أى نوع من الكاريزما.
ما الذى سيحدث؟! علينا أن ننتظر ونرى.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف