يستحق جهاز حماية المستهلك جائزة "الكاميرا الخفية" لأنه تعامل معنا بنظرية "بص العصفورة" وبدلاً من أن يقوم بدوره في مواجهة جنون الأسعار والغش في المكونات والتلاعب في الأوزان جلس أمام التليفزيون يشاهد الإعلانات ويفرض نفسه وصياً علي الذوق العام.
جهاز حماية المستهلك موجود في كل دول العالم تقريباً ولكنه عادة لا يكون جهازا حكوميا وإنما من منظمات المجتمع المدني لأنه ليس معقولاً أن تكون الخصم والحكم في نفس الوقت وربما كانت تلك المصيبة الأولي في جهاز حماية المستهلك في مصر ورغم ان حماية المستهلك جهاز حكومي إلا اننا رحبنا بإنشائه علي أمل أن يساهم في حماية المستهلك فعلاً وسط هذا الانفلات في الأسعار لكننا لم نسمع ان الجهاز قام بخطوة واحدة وكأن تلك ليست المهمة الأولي في حماية المستهلك.
انفلات الأسعار ليس وحده الذي لم يقم الجهاز بأي شيء لإيقافه ولكن أيضاً التلاعب في أوزان وأحجام العبوات مثلما حدث مع الأدوية مؤخراً.. حيث تلاعبت الشركات في العبوات وضاعفت سعرها ولم يتحرك جهاز حماية المستهلك.
الغش في المكونات أيضاً أصبح أمراً شائعاً والتلاعب في تواريخ الصلاحية أصبح ظاهرة والالتزام في معايير النقل والتخزين لم يعد موجوداً لأن أحداً ببساطة لم يسمع عن موقف قوي لجهاز حماية المستهلك.
وأخيراً سمعنا عن جهاز حماية المستهلك عندما قرر إيقاف إعلانات في التليفزيون بدعوي انها تسيء للذوق العام وتتنافي مع القيم والأخلاق.
والحقيقة ان تلك خطوة جيدة ولكن هل هي وظيفة جهاز حماية المستهلك ؟
جهاز حماية المستهلك كان يتوقع أن يقوم كجهاز حكومي بالنزول إلي الشارع ومواجهة الجشعين والانتهازيين ومصاصي الدماء ولكن لأنه جهاز حكومي فقد اكتفي أن يجلس أمام التليفزيون ليكون وصياً علي الأخلاق والذوق العام.