طارق رضوان
مبادرة وقف العنف مقابل منع الإعدامات
*الإفراج عن كل الشباب وعدم الملاحقة وعودة الحزب والجماعة أهم شروطهم
*المعاهدة يضمنها تركيا وقطر من ناحية الإخوان والسعودية والأردن أو تونس من ناحية مصر
وفشلت كل مناورات ومفاوضات الإخوان للصلح مع الدولة المصرية. فقد ظنت الجماعة أنها تستطيع الضغط على أعصاب الدولة بواسطة الدول الراعية لها. مستخدمة كل أشكال الابتزاز السياسى للعودة من جديد إلى الحياة السياسية. وهو أمر من ضرب المستحيلات أن يقع فيه النظام المصرى لأنه لا يملك تفويضًا من الشعب للسماح للجماعة للعودة من جديد إلى الحياة، فالشعب هو من لفظهم وهو من أجهز عليهم هو وحده من أعطى الأمر ونفذ الجيش.
إعلان مبادرة الصلح لم تأت من فراغ، كما أنها ليست وليدة فكر التنظيم الدولى ولا هى من بنات أفكاره بل كانوا يبحثون مع كل الأصدقاء فى العالم عن مخرج لتلك المحنة التى تعيشها الجماعة محنة داخلية بعلاقة القيادات بالقواعد وبعلاقة التنظيم ككل بالشعب. وقد اتفق الجميع أن الجماعة ارتكبت أخطاء فادحة حتى أحد قادة التنظيم الدولى وهو إبراهيم منير اعترف أن قيادات الجماعة فى مصر وعلى رأسهم خيرت الشاطر هم السبب فى تلك الكارثة التى تمر بها الجماعة وبحثوا كل الحلول الممكنة بما يحفظ لهم ماء الوجه فقبل البدء فى إعلان الصلح المشروط من الإخوان اجتمع التنظيم الدولى للإخوان فى لندن بقيادة يوسف ندا ووضعوا خططًا جديدة لمحاولة عبور المحنة التى تمر بها الجماعة ووضعوا شروطًا ذات سقف عالٍ ليحصلوا على أكبر كم من المكاسب فى حالة اعتراض الدولة المصرية على شروط الجماعة، وكانت شروطهم تتسم بالغرور والغطرسة الفارغة فقد ظنوا أنهم دولة أمام دولة فقد اشترطوا ألا تتم أحكام بإعدامات أى من القيادات ومنهم المرشد بالطبع، لكنهم لم يشترطوا الإفراج عنهم، كما اشترطوا أن يفرج عن جميع الشباب الإخوان منهم وبقية التيارات السياسية وهو كما نرى مزايدة فارغة كما اشترطوا أن تعود الجماعة والحزب بدون ملاحقة أمنية، ويترك الشباب الإخوانى دون ملاحقة، ويتم تغيير قانون التظاهر ليسمح لكل التيارات السياسية بما فيهم الإخوان أن يمارسوا حقهم فى التظاهر دون مراجعات أمنية، وذلك فى مقابل اعتذار الجماعة عن الأحداث التى تمت منذ عزل مرسى والاعتراف بثورة يونيه ووقف جميع أعمال العنف والتظاهرات الأسبوعية، هذه هى شروط الإخوان للصلح كما اشترطوا أن تكون معاهدة الصلح مكتوبة وموقعة من ممثل للإخوان وممثل للدولة المصرية مع ضمان أربع دول لتلك الوثيقة وهم تركيا وقطر من جانب الإخوان أى ضامنين للإخوان ووافقوا أن تكون السعودية ضامنًا للدولة المصرية ومعها أى دولة عربية أخرى، واقترحوا أن تكون الأردن أو تونس، ويوقع الطرفان الإخوان والدولة والأربع دول، ويتم إيداعها فى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لضمان سريان الاتفاق، تلك كانت تفاصيل المصالحة التى يريدها الإخوان ويحلمون أن توافق عليها مصر، ولترتيب ذلك الاتفاق قام يوسف ندا ومعه اثنان من قيادات التنظيم الدولى بزيارة خطيرة إلى جهاز المخابرات البريطانية وهى الزيارة الثانية فى أقل من شهر لجهاز المخابرات البريطانية وذلك لأخذ المشورة. يوسف ذهب ومعه الفريق القانونى الدولى الذى كلف من قبل بالتحقيق فى الأحداث التى شهدتها مصر منذ عزل مرسى، وخاصة ما نتج عن فض اعتصامى رابعة والنهضة وتقديم المشورة القانونية بناء على القانون الدولى والدستورى الفريق الذى زار جهاز المخابرات البريطانى يضم شخصيات قانونية دولية، منها المدعى العام السابق فى بريطانيا اللورد كين ماكدونالد، والمحامى البريطانى المختص فى حقوق الإنسان مايكل مانسفيلد، وهما مستشاران لملكة بريطانيا، والمحامى الجنوب إفريقى ومقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السابق جون دوغارد الفريق الذى قابل مدير المخابرات البريطانية روبرت هانيجان طالب بمزيد من الضغط على الحكومة المصرية للموافقة على المعاهدة، الفريق لم يطالب بالإفراج عن المسجونين من الجماعة من القيادات القديمة لأنها خطوة مؤجلة فى تلك الفترة خصوصًا والقضايا المتهم فيها تلك القيادات متورطة فى قضايا قتل وتجسس، وبعد انتهاء الاجتماع قام التنظيم الدولى بتوجيه أعضائه فى دول العالم بـ«حملة إعلامية كبرى» تستهدف نشر التسريبات الخاصة بتبرئة إخوان مصر من قبل الإدارة البريطانية، حول عدم ثبوت أدلة تدين الجماعة مما يبرئها من تهمة الإرهاب ودعا التنظيم إلى عقد مؤتمر طارئ يهدف إلى بحث كيفية الاستفادة من الموقف الرسمى للحكومة البريطانية تجاه الجماعة فى مصر. وقام التنظيم الدولى بنشر تسريبات تحقيقات السلطات البريطانية فى قضية اتهام جماعة الإخوان المسلمين جماعة ارهابية، والتى تصب تلك التسريبات فى صالحهم، حيث إنها ستغير كثيرًا فى تحركاتهم واستراتيجياتهم خلال الأيام المقبلة، وأكدوا لعناصرهم أن هناك ضغوطًا مباشرة عن طريق الأموال، بمحاولة دول عربية، وأخرى غير مباشرة ممثلة فى عقد صفقات أسلحة لإخفاء تقرير تبرئة الإخوان، كما أكد التنظيم على أن تنظيم «داعش» الإرهابى نشأ بسبب الأحداث فى مصر. التنظيم الدولى لم يكتف فقط بتلك المغالطات فى مخاطبة أعضائه حيث أكد أنه تم إغلاق الباب أمام ما تردد حول حظر نشاط الجماعة مشيرة إلى أن الإدارة البريطانية ستعلن التقرير النهائى فى وقت قريب رغم تأجيله عدة مرات. وأكد قيادات التنظيم الدولى للجماعة بأنهم حصلوا على جزء من محتوى التقرير، وتضمن اتهام الجماعة بالإرهاب، لكنه لم يقدم ما يكفى من أدلة الإثبات، والتأكيد على عدم وجود علاقة للجماعة بالعمليات الإرهابية التى حدثت فى مصر بعد عزل مرسى . وأكدوا بأن التقرير يعكس فشل محاولات عدد من دول الخليج ممارسة ضغوط على الحكومة البريطانية، لإصدار تقرير يدين الجماعة، باعتبار ذلك يعزز وجود السلطة المصرية الحالية، ويؤكد صحة ما حدث فى 3 يوليو وبأن هناك ضغوطًا من هذه الدول رصدها التنظيم تتمثل فى الوعود بصفقات كبرى للأسلحة، بشرط أن يكون التقرير البريطانى ضد الإخوان، إضافة إلى أن هناك رشاوى مالية كبرى، وهذه الضغوط وقتية، ولا يمكن أن تستمر طويلًا. وكان من ضمن ما ذكره التنظيم الدولى لمدير المخابرات البريطانية أن مشاكل الإخوان فى المنطقة مع الأنظمة العربية هى التى أدت إلى ظهور ما يسمى«تنظيم داعش الإرهابى المسلح» الذى يستهدف الأرواح والمنشآت الحيوية فى أكثر من دولة، محذرًا من توغل الإرهاب فى المنطقة إذا ما استمرت الحال على ما هى عليه. وأكد التنظيم لأعضاء الجماعة أن الضغوط التى تمارس على الإدارة البريطانية لإخفاء التقرير لا فائدة لها،، وأن الإخوان تثق تمامًا فى أن النهاية ستكون كاشفة للحقيقة الكاملة يأتى ذلك فى توقيت حشد الولايات المتحدة الأمريكية لأربعين دولة لمحاربة تنظيم داعش التى ادعى الإخوان أن ما حدث للجماعة فى مصر كان نتيجته خروج ذلك التنظيم نظرًا للحرب الدائرة على الإسلام فى المنطقة، وقد قام رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بطلب من السير جون جينكينز، سفير بريطانيا لدى السعودية، فى التحقيق فيما إذا كان ينبغى وصف جماعة الإخوان فى مصر بالإرهابية. وقد تعرض «كاميرون» لضغوط شديدة من حلفاء بريطانيا فى الخليج من أجل التحقيق فى أنشطة الجماعة ووصفها بالإرهابية. وبرغم كل تلك الضغوط التى يمارسها الإخوان إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى رفض رفضًا قاطعًا أى حديث عن الصلح مع الجماعة مما أدى إلى العودة لنقطة الصفر فى محاولات الإخوان للعودة من جديد للحياة السياسية وبنظرة إلى كل تلك الأحداث نرى أن الجماعة فى مأزق مميت فلم تنفع ضغوط كل من تركيا وقطر لأن مصالح الدول لا تتوقف على تنظيم سياسى مهما كان ثقله وحجمه فالأحداث فى المنطقة تجاوزت خطورتها النظر إلى مشاكل الإخوان فالرعب من التمدد الإيرانى فى المنطقة خلق تحالفات لابد منها تحالف يضم كلًا من مصر وتركيا والسعودية لوقف التمدد الإيرانى فى المنطقة خصوصا وقد وصلت أياديهم لشرق المملكة السعودية ومحاولة إثارة الفصائل الشيعية الموجودة فى شرق المملكة لمحاولة زعزعة حكم أسرة آل سعود مما أدى إلى تراجع مشكلة الإخوان إلى الخلف، ولم تعد ملحة فى الوقت الحالى فى حين أن الجماعة تفعل المستحيل من أجل السيطرة على قواعدها الغاضبين من سوء تصرف القيادات وتركهم فى العراء فى مواجهة الدولة المصرية بأكملها، وبسبب تلك الضغوط يتصرف قادة الجماعة بعشوائية وعصبية تفقدهم صوابهم، فمن ضمن شروط المصالحة التى وضعوها هو وقف العنف فى حالة موافقة الدولة المصرية على الصلح ،وهو ما يثبت أن الجماعة متورطة باعترافهم فى كل التفجيرات والاغتيالات التى تمت فى مصر منذ عزل محمد مرسى، وعزل الجماعة ككل من حكم البلاد، وهو ما يؤكد صحة تعامل الدولة تجاه الإخوان، أما الخطأ الآخر الذى وقع فيه الجماعة فهو اعترافهم بثورة يونيه، وهو ما يغضب الشباب الإخوانى مما جعل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يعدل من ذلك الخطأ بقوله إن ما حدث فى يونيه ثورة لكن ما حدث فى 3 يوليو انقلاب من أجل تهدئة القواعد، وهو الرجل الذى عاد بمهام جديدة بتكليف من التنظيم الدولى، وفى آخر الأمر الإخوان لا تملك أوراقًا للتفاوض تقدمه للدولة المصرية نظير موافقة الدولة على الصلح معها فوقف العنف إدانة والاعتراف بالثورة ورطة، وهو ما يدل على أن غروب شمس الإخوان فى تلك المرحلة الزمنية على الأقل فى غروب.