مؤمن الهباء
شهادة - تحديات ما بعد العاصفة
يتوقع بعض المحللين أن تكون عاصفة الحزم مقدمة لحالة من الفوضي العارمة تشهدها منطقة الشرق الأوسط من المحيط إلي الخليج.. وذلك بالنظر إلي الأمنيات التي تطرحها أطراف عديدة لتطبيق نموذج العاصفة في مناطق أخري.
هناك من يطالب بعاصفة حزم عاجلة في سوريا للقضاء علي نظام الأسد وحسم الحرب الدائرة مع المعارضة المسلحة.. وهناك من يدعو إلي عاصفة لإنقاذ ليبيا والعراق.. بل إن هناك من دعا إلي انتقال عاصفة الحزم كاملة إلي غزة لضرب حماس علي غرار ضرب الحوثيين.. وصاحب هذه الدعوة ليس شبحا وليس شخصا عاديا.. وإنما هو وزير في السلطة الفلسطينية.
التخوف المطروح هنا.. وبمقتضي هذه الدعوات والنداءات.. أن تتمدد عاصفة الحزم من اليمن إلي البقع العربية الملتهبة فتزيدها التهابا.. وقد تشتعل المنطقة من أقصاها إلي أقصاها بحروب أهلية لا نهاية لها.. خصوصا إذا دخلت عاصفة الحزم مرحلة الحرب البرية.. وهو احتمال وارد لكنه صعب.. وهناك كلام كثير حول إمكانية أن يتحول هذا التدخل البري إلي فخ كبير تسقط فيه كل الأطراف مما ينهك قواها ويستنزف قدراتها.
للأسف.. هذا هو أحد التحديات التي تواجه العرب جميعا في مرحلة ما بعد عاصفة الحزم.. ولا يخفي علي أحد أن هذا الإنهاك مطلوب من قوي وجماعات ودول تتربص بهذه الأمة المنكوبة.
تقول صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إن التدخل السعودي يهدد بحرب أهلية شاملة في اليمن.. وتقول مجلة "إيكونوميست" البريطانية أيضا أن المستفيد الوحيد من حرب اليمن التي قد تؤدي إلي تقسيمه هم الجهاديون السنة الموالون للقاعدة وداعش.. مضيفة أن أغلب الدبلوماسيين يرون أن ما يحدث في اليمن سيؤدي إلي فوضي.
علي الجانب الآخر هناك من يري أن المستفيد الأكبر من عاصفة الحزم وتطوراتها.. وأية حرب عربية - عربية أخري.. هي إسرائيل التي تلتزم الصمت حاليا.. لكنها تضحك في السر.. فلا شك أن انشغال العرب بصراعاتهم الداخلية عن القضية الفلسطينية.. وتراجع هذه القضية في الأجندة العربية إلي الترتيب الرابع أو الخامس يصب في صالح إسرائيل.. ولا شك أن دخول العرب في صراع مباشر مع إيران لتصبح هي العدو رقم واحد يصب أيضا في مصلحة إسرائيل.
ومع الاعتراف الكامل بالدور الذي تلعبه القوي الأجنبية من وراء ستار إلا أننا نراهن - مازلنا - علي الحكمة العربية في تضييق دائرة الحرب في اليمن والانتقال السريع إلي الحوار والتفاوض لإيجاد حل سلمي.. وقد أعلن خادم الحرمين في اجتماع وزاري أن باب المصالحة والحوار في اليمن مفتوح.. وقطعا ستكون هناك تسوية سياسية عاجلة في الرياض أو القاهرة أو الدوحة.
وبالتوازي مع هذا الأمل.. هناك أمل آخر بأن يتم حل الأزمة الليبية بالحوار بين الأطراف المختلفة.. وأن تتدخل القوي الكبري لحسم الصراع في سوريا ومواجهة داعش بنفس الطريقة التي يتم بها مواجهة داعش العراق.. حتي لا تتكرر عاصفة الحزم هنا أو هناك.. وذلك علي اعتبار أن العاصفة التي هبت علي اليمن كانت لها ظروف خاصة حيث توصف بأنها الحرب التي ترضي كل الأطراف.. وهو أمر لا يتوفر في أي قرار للحرب في ليبيا أو سوريا.
وإذن.. فإن عاصفة الحزم ستكون أول وآخر الحروب العربية - العربية.. علي الأقل خلال المرحلة الحالية