اكرام منصور
زلزال بريطاني للاتحاد الأوروبي
الصدمة المدوية التي تلقاها الاتحاد الاوروبي برغبة انجلترا في الانسحاب من ذلك الاتحاد جعلت الأراء تتباين حول الاسباب الحقيقية وراء اتخاذ "ديفيد كاميرون" لهذا القرار المفاجئ والحقيقة الغير واضحة للبعض هي أن انجلترا تواجه صراعاً عنيداً بين شريحتين في المجتمع الانجليزي وهما شريحة كبار السن ومحترفي السياسة وبين فوران الشباب ورغبتهم في الانفتاح والاستفادة القصوي من خلال استمرارهم في عضوية الاتحاد الاوروبي فبالنسبة للشريحة الاولي لازالت تراودها حلم الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس كعهدها السابق ولهذا حاولوا بكل السبل عرقله ذوبان الكيان السياسي والاقتصادي والثقافي داخل بوتقة الاتحاد الاوروبي ونجحوا بالفعل منذ انضمامهم للاتحاد في أن يحتفظوا بهوية الجنيه الاسترليني ورفضوا استبداله في تعاملاتهم المالية بالعمله المستحدثه وهي اليورو هؤلاء الساسة اصحاب الخبرات الطويلة يرغبون بالاحتفاظ بالاستقلالية التامة وصيانة دستورهم الملكي وتقاليدهم الكلاسيكية خاصة أنهم عانوا كثيراً من تهمة تبعيتهم للولايات المتحدة الأمريكية وهو ما كان يحدث كثيراً في الفترات القريبة الماضية وهم يعلمون تماما بأنهم سوف يواجهون صعوبات كثيرة نتيجة اتخاذهم ذلك القرار المفاجئ ومن اهمها الانشقاق الذي سيحدث بسبب انفلات اسكتلندا وايرلندا من قبضتهم واللذان يرغبان في استمرار انضمامها للاتحاد الاوروبي وفي نفس الوقت سيواجهون الثورة الشبابية ورغبتهم الجارفة في الاحتفاظ بموقعهم داخل الاتحاد وانطلاقهم خارج الصندوق بعقلية فكرية مختلفة عن تزمت الساسة الكبار هذا الصراع حتما سينتهي لصالح إحدي الشريحتين وربما يكون الحل هو اسلوب الموازنة بين رغبة الطرفين وهو أمر صعب في كل الاحوال خاصة أن مجموعة دول الاتحاد الاوروبي مصره إصراراً كاملا بأن تحدد الحكومة البريطانية موقفها بوضوح قبل انتخابات رئاسة الوزراء القادمة ورحيل "ديفيد كاميرون" الشباب يخشون فقدانهم لحرية الانتقال بين دول الاتحاد بدون تأشيرات دخول والكبار يخشون فقدانهم لذكرياتهم مع الماضي البعيد الذي يتمثل في الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وسوف تتوالي تداعيات ذلك القرار ومن أهمها مستقبل المهاجرين إلي انجلترا ووضع إقامتهم داخل البلاد هذا بخلاف الانشقاقات العنيفة التي ستنال من حزب ديفيد كاميرون وذلك علي المستوي المحلي أما بالنسبة للمستوي الخارجي فالولايات المتحدة الأمريكية حتما ستصاب بالانزعاج لما سيحدث لها من زيادة العجز التجاري داخل بلادها وبعد أن أنهي الاستغناء عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي التي استمرت 43 عاما واعلان ديفيد كاميرون استقالته من منصبه بحلول اكتوبر المقبل فالاتحاد الاوروبي يحتضر بعد الضربة القوية التي تلقاها من لندن بالاستفتاء حيث قام الاتحاد ببدء سلسة لقاءات مكثفة في محاولة للحفاظ علي وحدته وتجنب قيام دولة أخري بخطوات مماثلة فإن الدول ال 19 الاعضاء في منطقة اليورو تحتاج لحماية نفسها في الاشهر المقبلة والتي ستشهد فترات مضطربة علي الارجح كما انخفض الجنيه الاسترليني مسجلا اكبر خسارة له بسبب الاستفتاء حيث انخفض الي 1.3 دولار وهو أدني مستوي له امام العملة الامريكية منذ سبتمبر 1985.. وهذا القرار يضع اوروبا في مواجهة اختبار خطير.