معلم البشرية الأول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أرسي مكارم الأخلاق وكل الفضائل وكانت تعاملاته الإنسانية نماذج سوف تظل علي مدي الزمن منارة يهتدي بها كل المهتمين بالشأن الاجتماعي والإنساني وسلوكياته صلي الله عليه وسلم تقطر ودا ومحبة وينبثق النور من كل جوانبها هداية للبشرية. ونقتبس من هذه الأنوار اشراقة في هذه السطور لعلها تضيء لنا جميعا طريق الحق والهدي وتضع أمام أولي الابصار الصورة المشرقة لنبي الإسلام والهدي ورحمة رب العالمين للناس أجمعين. ولعل هذا القبس المضئ يلقي حجرا في أفواه كل الذين يشوهون صورة الإسلام الحنيف بأفعالهم التي تتنافي مع هذه القيم الرفيعة التي ارسي معالمها الرسول الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان. وسوف تظل هذه القيم معالم مضيئة وهادية لبني الإنسان في كل زمان ومكان.
ولعل هذا القبس الذي نستضيء به في هذه السطور توضح اهمية تلك المبادئ لدي أهل الايمان الذين يلتمسون بعضا من هذه الأنوار خلال مسيرتهم في الحياة.. وبلا رتوش فها هو عمارة بن توبان يقول: إن أبا الطفيل أخبره ان النبي صلي الله عليه وسلم كان بالجعرانة وهي مكان بين مكة والطائف وهي إلي مكة أقرب - حيث كان الرسول صلي الله عليه وسلم يقسم لحما. وأبا الطفيل يومئذ غلام يحمل عضو البعير. في هذه الاثناء اقبلت امرأة بدوية فلما دنت من النبي صلي الله عليه وسلم بسط لها رداءه فجلست عليه. فقلت: من هذه؟ قالوا امه من الرضاعة. وقد كان زوجها الذي أرضعت الرسول صلي الله عليه وسلم بلبنها الحارث بن عبد العزي بن رفاعة بن ملان بن ناصيره ابن سعد بن بكر.
تلك قيم الوفاء والتقدير لانسانة عاش في احضانها وارتوي بلبنها وظل يحمل لها الود والمحبة وكانت هذه اللفتة التي تقطر انسانية ورحمة انه بحق نموذجا لكل أهل الايمان وكل الاجيال لكي يغترف منها المعامله التي تنير له الطريق وتجعله يمضي مع أهل النور. ولعلنا لا ننسي التاريخ المشرق عندما التقت هذه السيدة واسمها حليمة بنت ابي ذؤيب بن سعد بن بكر بن هوازن. قدمت إلي مكة بحثا عن طفل ترضعه مع قريناتها من نسوة بني سعد علي راحلة هزيلة ولدي صبي صغير لم يجد في صدري أي لبن. وعندما وصلت مع الركب مكة. تقول حليمه: والله ما علمت امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم. فإذا قيل يتيم تركناه. وقلنا ماذا عسي أن تصنع الينا امه. إنما نرجو المعروف من أب الولد. فكل صواحبي أخذن رضيعا وكرهت ان أعود بلا رضيع فأخبرت زوجي بأنني أريد أن أخذ هذا اليتيم وتوجهت إلي أمه فاخذته. وبمجرد ان تحركت براحلتها بدأ الخير يتدفق عليها اللبن ملأ ثدييها الراحلة التي كانت في مؤخرة الركب لضعفها اصبحت في المقدمة وكان السعد ملازما لهذه السيدة أم الرسول صلي الله عليه وسلم من الرضاعة. ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد.