حسن حامد
اعقلها - مملكة داود وسليمان
رحم الله استاذنا د. عبدالوهاب المسيري العلامة الموسوعي والخبير في الصهيونية الذي حاورته حواراً صحفياً دسماً في عام 1994 وهو يعد لموسوعته الضخمة حول الصهيونية.
تمتمت بتلك الكلمات وأنا أقرأ كتاب صديقنا الباحث أحمد عزت سليم "مملكة داود وسليمان العبرية - أوهام لا نهاية لها - دراسة نقدية في لاهوت العنصرية الإسرائيلية". وتناول فكرة تسييد "مملكة داود وسليمان العبرية" وفرضها من جديد علي العالم من خلال "الدولة الإسرائيلية الصهيونية". وفي إطار ذلك يقدم الكتاب كما يقول المؤلف في المقدمة دراسة نقدية في البني اللاهوتية التي تشكل ماهية المبادئ العنصرية التي تحكم هذه المملكة وتقف وراء تصرفاتها.
ويضم الكتاب 11 فصلا تتناول العهد الإلهي الأبدي. والتفرد والنقاء والاستعلاء. والإبادة. والاحتيال والخداع. والتهويد. والجمع بين المتناقضات في بنية واحدة. والانتقاء والاستبعاد. والاشتهاء الدموي والمعاداة. وغير ذلك من المبادئ العنصرية التي تحكم تصرفات هذه الدولة.
وعلي الرغم من أهمية الكتاب وما يتجلي فيه من جهد كبير بذله المؤلف ليجمع أمامنا الكثير من التفاصيل الصغيرة الإسرائيلية التي تؤسس ليهودية هذه الدولة وقواعد التعامل مع ا لآخرين والتي تذكرني علي نحو خاص بكتاب "بروتوكولات حكماء صهيون". إلا أنني كنت أتمني أن يخاطب الكتاب القاعدة العريضة من الناس الذين يجدون صعوبة في فهم الكثير من المصطلحات اللغوية المتخصصة التي وردت بالكتاب. مثل "المؤتلفات الحسية والمعنوية" و"الصيرورة التاريخية" و"التلفيقية" و"الحركة التاريخية الحتمية" و"ديمومة الفاعلية والإنتاجية" وغيرها.
عيب هذه النوعية من الكتب بالرغم من أهميتها - كما ذكرت - في نفي المزاعم الإسرائيلية الصهيونية للتسيد علي الأمة العربية. أنها تخاطب النخبة الذين هم في الأساس يعرفون جيداً هذه المزاعم ويدركون كم هي أكاذيب وادعاءات قد تصل لحد الافتراءات. بينما نحن البسطاء نظل في حاجة ماسة إلي من يبسط لنا تلك المفاهيم والمصطلحات لنفهم محور القضية وأسباب النزاع وجوهره علي الحقيقة بعيداً عن الماهية والكينونة والسيرورة والتدجين.
وعلي كل فالكتاب يعيد إلي الأذهان ما يسمي بالنظام العالمي الجديد في إطار المصالح الرأسمالية. التي تجر الأنظمة السياسية العربية إلي العمالة وشعوبها إلي براثن السيطرة الغربية الأمريكية والصهيونية. ثم التبعية المخزية. وبأهداف وطموحات تحقق السلام مع العدو الصهيوني "الإسرائيلي" كضرورة أولية لإعلان الاندماج والالتحاق بتلك العالمية الجديدة.
ثم يأتي تباعاً تحقيق الأهداف والأطماع الصهيونية في إقامة "إسرائيل" الكبري وتهجير الشعب الفلسطيني بأكمله من أراضيه ونهب الثروات وانتزاع مكتسبات التحرر الوطني من أيدي الشعوب العربية ثم السقوط في أحضان الحلف الغربي الأمريكي الصهيوني.