العبرة بالخواتيم ونسأل الله أن يحسن خواتيمنا جميعا.. وقد شاءت الظروف أن أري المشهد الختامي في حياة أكثر من فنان.. اقتربت من بعضهم وعرفت الكثير من بعضهم وقد لاحظت أن صديقي المخرج الكبير الذي كان يشرب ولم يكن يصلي.. قد تغير في أيامه الأخيرة وأصبح متسامحا وامتنع عن الشرب واعترف بأن صحبة السوء التي عاشت في خيره.. تخلت عنه عندما واجه أزمة مالية طاحنة غيرت أسلوب حياته تماما وكان زملاء المهنة يصفونه بأنه مولود وفي فمه ملعقة من ذهب والده طبيب كبير وأمه امرأة ثرية من عائلة كبيرة وكان يفتح بيته للقاصي والداني.. ويشهد الله أن الرجل ظل متمسكا بكرمه حتي في أحرج أوقاته المادية المتعثرة.. وكان يجسد أمامي بحق المقولة الشهيرة: "الكريم لا يضام".. وعندما توفي صديقي المخرج رأيت علامات ودلائل هذا الكرم.. فقد صلي عليه المئات عقب صلاة الجمعة في مشهد مهيب.. وكانت جنازته حاشدة.. واعتبرتها مؤشرات خير لرجل كان رغم كل شيء يتمتع بقلب طفل وبقدر سرعة الغضب.. كانت سرعة الصفاء والتسامح.
ومؤخرا رحل أحد الفنانين وكانت تحيط به الكثير من الأقاويل حول مصادر أمواله.. ورغم ذلك توفي في يوم جمعة من أيام رمضان العظيم وخاصة في العشر الأواخر والله - سبحانه وتعالي - يفتح أبواب رحمته ومغفرته لعباده حتي اللحظات الأخيرة.
وكانت ممثلة شهيرة ارتبط اسمها بأدوار الإغراء.. تعيش حياتها طولا وعرضا ولا يختلف حالها علي الشاشة عنها في حياتها الخاصة.. ولكنها قبل رحيلها بأشهر التزمت ونزلت عليها أمارات السكينة والاحتشام وتوارت في بيتها تعبد ربها وماتت علي فراشها صائمة بعد صلاة الفجر في أفضل صورة يمكن أن يختتم بها الإنسان حياته الدنيا وهو يتوجه إلي لقاء ربه.. والقلب المؤمن يحمد ويشتاق إلي هذا اللقاء وبذلك يتحول مشهد الختام إلي ما يشبه حفل توزيع الجوائز.. أو الزفاف التي تشارك فيه الملائكة والناس إذا شهدت للرجل.. فإنها تفتح له أبواب الخير وكذلك فإن أخذ الناس بالظاهر من الأمور التي ينهي عنها الله ورسوله - صلي الله عليه وسلم - لأن مولانا - سبحانه وتعالي - أعلم بالنوايا والقلوب.. والرجل قد يعمل عمل أهل الجنة وإذا به يتحول إلي النار والعياذ بالله وهو علي الأبواب وقد يحدث العكس فيعمل بعمل أهل النار ولكنه في اللحظات الأخيرة يجد نفسه في فردوس ربه ونعيمه.. نسأل الله الرحمة والمغفرة لمن رحلوا.. والتوبة.. وحسن الختام لنا ولهم وللجميع.. فهو المشهد الأهم والأبقي في سلسلة مشاهد حياتنا.