كل عام ومصرنا أكثر أمنا ورخاء واستقرارا ورفعة.
كل عام ونحن جميعا في حال أفضل من الحال الذي نحن فيه.
اللهم اجعل أيامنا القادمة أفضل من تلك التي مضت.. وهييء لنا من أسباب الخير والنجاح والفلاح ما يعيننا علي اقتحام العقبة وتجاوز العثرة.
انقضي رمضان شهر البركات والنفحات وبقي لنا منه ثوابا ندعو الله جل شأنه أن يكون جزيلا بقدر عطائه لا بقدر عطائنا نحن.
وانقضت مع رمضان اجازة رائعة.. وفرت لي وقتا أطول للمتعة الروحية في الشهر الفضيل والحمد لله.. وبهذه المناسبة أود ان اتوجه بخالص الشكر والتقدير للأصدقاء والزملاء والقراء الأعزاء الذين تفضلوا بالسؤآل عني سواء عن طريق الهاتف أو البريد أو البريد الالكتروني.. لقد سعدت بالتواصل معهم وأدعو الله ألا يحرمني من مودتهم وفضلهم.
ولكن..
مهما طالت الاجازة فلابد من العودة إلي "المساء" جريدتي الحبيبة التي أعطيتها عمري واعطاني الله من خلالها كثيرا من نعمه عليَّ وأول هذه النعم كتيبة الأصدقاء والقراء المحبين.. الذين نبادلهم تقديرا بتقدير ومودة بمودة.
ولابد من العودة إلي "شهادة" هذه الزاوية التي صارت بالنسبة لي شريان حياة.. أرجو أن يجعل الله تعالي كل كلمة فيها خالصة لوجهه تعالي ولوجه الوطن الذي يعيش في قلوبنا.. هذا الوطن الذي أكرمه الله وأعزه وجدير بنا - نحن أبناءه - أن نكون علي قدر تلك الكرامة وتلك العزة.. فنقول كلمة الحق قوية ناصعة.. تصلح ما فسد.. وتجمع ما تفرق.. وتبني ما تهدم وخرب.. وترسم مستقبلا أفضل للأجيال القادمة.
وقد مرت بنا أثناء الشهر الكريم أحداث عظام أثرت وسوف تؤثر في حياتنا بشكل أو بآخر.. لعل أهمها كارثة تسريب امتحانات الثانوية العامة وانتشار ظاهرة الغش الجماعي بصورة لم تشهدها مصر من قبل عبر تاريخها الطويل.. وهو ما يملي علينا جميعا أن نتدبر فيما وصلنا إليه.. ونسأل أنفسنا: كيف حدث ذلك.. ولماذا.. وما هو العلاج الصحيح والناجع لهذا المرض الخبيث الذي استشري فينا ودمر قدراتنا المناعية وأوشك ان يدمر مستقبل أبنائنا؟!
ثم.. فساد صفقات توريد القمح وحكايات النصب علي المزارعين وآلاعيب الصوامع التي يشيب لها الولدان.. هل هناك وطن هو الأكثر استيرادا للقمح علي مستوي العالم يمكن أن يتلاعب به الفاسدون دون رقابة إلي هذا الحد؟!
ومر بنا أيضا خلال رمضان حكم القضاء الإداري "التاريخي" ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع الشقيقة السعودية والاقرار بتبعية جزيرتي تيران وصنافير للسيادة المصرية وقد كان ظني - ومازال - ان هذا الحكم يفتح الباب لطريقة أخري في التعامل مع القضية لتكون الجزيرتان نواة لمنطقة تكامل اقتصادي واستثماري عربي.. يتشارك فيه رأس المال السعودي مع اليد العاملة المصرية الفنية المدربة لتحويل تيران وصنافير إلي جنتين بدلا من تركهما صحراء جدباء بلا حياة.
ولا يمكن في هذا السياق أن ننسي الاستفتاء البريطاني علي الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي جاءت نتيجته صدمة حقيقية.. خاصة بالنسبة لجيل الشباب الذي رأي فيه ردة في حركة التاريخ الذي يتجه إلي الكيانات الكبيرة سياسيا واقتصاديا وقد كانت بريطانيا قوة اساسية في الاتحاد الأوروبي مما اعطاها مكانة متميزة في قارتها.. وفي العالم.
وكان طبيعيا أن تنتقل عدوي التفكيك إلي بريطانيا العظمي نفسها بعد أن تسبب الاستفتاء في ضرب الاتحاد الأوروبي.. وقرأنا ان مقاطعات ايرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز ولندن صارت تجهر بمطلب الاستفتاء للانفصال عن بريطانيا التي كانت في يوم ما امبراطورية لا تغرب عنها الشمس.. والآن ربما تعود مملكة صغيرة في انجلترا فقط.
وسبحان من يغير ولا يتغير.