بسيونى الحلوانى
التغيير الواجب .. في المؤسسات الصحفية
سألني أحد الزملاء: هل أنت مع التغيير السريع للقيادات الصحفية الحالية؟ قلت له: أنا مع التغيير الصحيح الذي يحقق طموحات العاملين في المؤسسات الصحفية ولا بأس أن يتأخر التغيير لشهر أو اثنين ليأتي وفق قواعد وأسس موضوعية للاختيار تضمن قيادة هذه المؤسسات خلال الفترة القادمة بشخصيات أكثر قدرة علي القيادة والاصلاح وتنفيذ القانون وتطبيق اللوائح علي الجميع وتحقيق طموحات العاملين في المؤسسات الصحفية القومية بعد أن عانت لسنوات من الفوضي والمجاملات ولم يستطع القائمون عليها إغلاق منافذ الفساد الإداري والمالي.
والواقع.. أنا لا أدري لماذا ظلت الدولة "نائمة" في سبات عميق طيلة السنوات الخمس الماضية وغفلت عن وضع خطط وبرامج إصلاحية للمؤسسات الصحفية القومية وهي تعلم حقيقة ما يحدث فيها وتركتها تغرق في الخسائر والديون وتسودها الفوضي ويسيطر علي كثير منها التسيب.. دون أن تستيقظ وتدرك حتمية الاصلاح والتغيير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه المؤسسات؟ لماذا وضعت الدولة مشروع قانون الاعلام الموحد في الأدراج وظهرت فجأة فكرة المجلس الأعلي للصحافة "المؤقت" ليظل الحال علي ما هو عليه وتبتلي المؤسسات الصحفية من جديد بقيادات من نوعية بعض القيادات الحالية التي تم اختيارها دون تدقيق وتطبيق معايير القيادة والتي وقفت طموحاتها عند حمل لقب "رئيس مجلس إدارة سابق" أو "رئيس تحرير سابق" ولم يشغلها يوما أن تكون لها بصمة خلال فترة عملها أو تحقيق إنجاز يذكره لها العاملون في هذه المؤسسات؟ لماذا تظل المؤسسات الصحفية في حلقة مفرغة ويعيش العاملون فيها في هم وغم وقلق علي المستقبل الغامض الذي يظلل مستقبلها في ظل الخسائر المتلاحقة التي تعاني منها والتحديات الجديدة التي تواجه الصحافة الورقية وهل الدولة عاجزة عن التدخل الحاسم لوضع هيكل إصلاحي يضع هذه المؤسسات الصحفية علي الطريق الصحيح؟
***
لا أريد أن أتحدث عن أسلوب اختيار القيادات الصحفية الحالية فهم داخل المؤسسة التي أعمل بها أو خارجها زملاء أعزاء لهم مني كل تقدير واحترام وأعترف أنهم حاولوا الاصلاح بقدر جهدهم وطاقتهم ووفق بعضهم ولم يوفق البعض الاخر.. والسؤال المهم هنا: لماذا نعتمد علي الأسلوب نفسه الذي تم به الاختيار من قبل والوسط الصحفي لا يتوقف عن توجيه الاتهامات للمجلس الأعلي للصحافة بالمجاملة الفجة في اختيار بعض القيادات سواء في مجلس الإدارة أو رئاسة التحرير؟ صحيح أن المناصب القيادية في المؤسسات الصحفية لم تعد جاذبة لكثير من الصحفيين المهنيين القادرين علي القيادة والإصلاح في ظل حالة الفوضي والتسيب التي تسيطر علي كثير من هذه الصحف وتعرض بعض القيادات الصحفية للإهانة من جانب بعض زملائهم.. فلم يعد هناك منصب في مصر يستحق أن يضحي الانسان بكرامته من أجله.
وهذا الزهد في المناصب الصحفية في المؤسسات القومية كان ينبغي أن يكون دافعا للدولة لكي تضع القواعد والضوابط التي تعيد لهذه المناصب هيبتها وجاذبيتها ليتولاها الأكفاء وليس "المشتاقون" لها مهما كانت التضحيات.
لابد أن تعترف الدولة بأن أسلوب اختيار القيادات الصحفية خلال السنوات الماضية لم يكن موفقا بالقدر الذي يتطلع إليه العاملون في المؤسسات الصحفية من صحفيين وإداريين وعمال.. وفي بعض المؤسسات هناك حالة من الغضب والسخط علي المجلس الأعلي للصحافة نتيجة غض الطرف عن حالة الفوضي والتسيب التي تسببت في انهيار مقومات العمل الأساسية وعدم اتخاذ قرارات إصلاحية لعلاج هذا الخلل.. وهناك مطالب من العاملين في هذه المؤسسات بضرورة محاسبة القيادات التي تسببت في هذا التسيب ولم تقم بمهامها علي الوجه المطلوب.
لذلك لا ينبغي أن نكرر نفس الأخطاء ولا ينبغي أن تظل المؤسسات القومية تعيش علي الحلول المؤقتة والاعانات المتلاحقة.. كما لا ينبغي أن تظل الدولة بأجهزتها المختلفة تراقب عن بعد وتكتفي أجهزتها الرقابية بالاطلاع علي تقارير الأداء دون الغوص في التفاصيل التي تعج بالفساد الإداري والمالي.
***
منذ أيام جمعتني جلسة مع عدد من الزملاء العقلاء وطرح أحدهم سؤالا: هل أسلوب صفوت الشريف قبل الثورة في اختيار القيادات الصحفية كان الأفضل.. أم أساليب المجلس الأعلي للصحافة بعد الثورة؟ ولم يكن مدهشا أن يجمع الزملاء علي أن أسلوب صفوت الشريف كان الأفضل للمؤسسات الصحفية والعاملين بها وأن المجلس الأعلي للصحافة في عهد المجلس العسكري وعهد الاخوان ثم عهد الرئيس السابق عدلي منصور لم يستطع إدارة المؤسسات الصحفية بالقدر الكافي من الشفافية والموضوعية وتغليب الصالح العام؟ فهل نحن في حاجة إلي عودة صفوت الشريف من جديد.