الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
إلا حرم رسول الله وجواره
لا شك أن مسجد النبي "صلي الله عليه وسلم" هو مقصد شرعي للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد المسجد الحرام. ومسجد الرسول "صلي الله عليه وسلم" ومسجد الأقصي "متفق عليه". وحيث يقول "صلي الله عليه وسلم": "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" "صحيح مسلم". وبه روضته الشريفة. وبين قبره "صلي الله عليه وسلم" ومنبره روضة من رياض الجنة.
ولقد كان بعض التابعين إذا اقترب من ساحة حرم رسول الله "صلي الله عليه وسلم" ارتجل من علي دابته وخلع نعليه. وقال: نزلنا عن رواحلنا وخلعنا نعالنا إكراماً لصاحب هذا القبر أن نلم به ركباً.
وهذا هو المعني الذي أخذه حكيم العربية أبو الطيب المتنبي فقال:
نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة
لمن بان عنه أن تلم به ركبا
فأي مسلم هذا الذي يمكن أن يفكر مجرد تفكير في المساس بهذه البقعة المباركة. بدل أن يفديها بروحه ودمه؟ اللهم إلا إذا كان قد تجرد من كل معاني الاسلام. وكل معاني الايمان. وكل معاني الانسانية. فلم يعد له نصيب ولا حظ من دين ولا خلق ولا قيم ولا مروءة ولا إنسانية أو آدمية.
ولا شك أن حرمة جوار رسول الله "صلي الله عليه وسلم" ميتا كحرمة جواره حياً. وقد سمع الإمام مالك بن أنس "رضي الله عنهما" رجلا يرفع صوته في مسجد رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فقال يا هذا الزم الادب في حضرة رسول الله "صلي الله عليه وسلم". فإن الله "عز وجل" قد مدح أقواماً فقال: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوي لهم مغفرة وأجر عظيم" "الحجرات: 3" وذم أقواماً فقال: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" "الحجرات: 2" وإن حرمة رسول الله ميتا كحرمته حياً.
وإن العمار والزوار لحرم الله وحرم رسوله "صلي الله عليه وسلم" إنما هم وفد الله وضيوفه. فمن فكر في الاعتداء عليهم أو ترويعهم فقد حاد الله ورسوله. وإذا كان رب العزة "عز وجل" قد توعد من يفكر في المساس بحرمه الآمن. فقال سبحانه: "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" "الحج: 25". فإن عقابه سبحانه لمن يفكر في المساس بحرم رسوله "صلي الله عليه وسلم" سيكون عظيماً في الدنيا والآخرة.
وإن الدفاع عن الحرمين الشريفين وافتداءهما بالغالي والنفيس يعد فرد عين علي المملكة وأهلها وفرد كفاية علي المسلمين جميعاً. إذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين. وإن لم يقم به أحد أثموا جميعاً في مشارق الارض ومغاربها. علي أننا علي ثقة في الله "عز وجل" بأنه حافظ حرمة وحرم نبيه "صلي الله عليه وسلم". ثم إننا لعلي ثقة في قدرة اشقائنا في المملكة العربية السعودية علي حماية الحرمين الشريفين وقطع اليد التي تفكر في المساس بهما. ونحن جميعاً فداء لحرم الله وحرم رسوله "صلي الله عليه وسلم" ونقف صفاً واحداً ويداً واحدة مع أشقائنا في المملكة العربية السعودية حتي نجتث الإرهاب الاسود من جذوره بإذن الله تعالي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف