● على الرغم من أنني كنت فى السجن عندما تم الإعلان عن قرار عدم خوضنا انتخابات الرئاسة فإنني كنت موافقا عليه، وهناك عدة أسباب دفعت الجماعة لاتخاذ هذا القرار، أبرزها أننا كإخوان ندرك من خلال تعاملنا مع كثير من القوى المؤثرة أن النظام استخدمنا كفزاعة على مدى 30 سنة للداخل والخارج.
● المؤسسة العسكرية قالوا خلال لقاءات مباشرة مع غيرنا ووصلنا هذا الكلام أنهم كمؤسسة سعداء بقرار الإخوان بعدم المنافسة على الرئاسة وعدم المنافسة على الأغلبية البرلمانية وقالوا ذلك صراحة، وأنا على يقين أن بعض القيادات لديها بعض التخوف من الإخوان، والشاهد من الكلام أننا كي نكسب ثقة الناس علينا أن نأخذ خطوة تطمئنهم.
● إننا مدركون أن «البلد واقعة جدا وأنه لا يوجد فصيل بمفرده سواء الإخوان أو الجيش أو أى فصيل آخر يمكنه بمفرده أن يشيل الشيلة لوحده»، وأننا مع الفكر الائتلافي خلال هذه المرحلة، ونريد أن نوصل رسالة للناس مفادها: «لا تقلقوا ليس لأننا أكثر الناس تنظيما فسنفرض أنفسنا عليكم، ونحن نظهر حسن نوايانا معكم كي نضع أيدينا في أيدي بعض من أجل إنقاذ مصر في هذه المرحلة».
● لا نستطيع أن نغمض أعيننا عن سيناريو الجزائر أو غزة عندما وصل الإسلاميون للحكم بشكل سريع فانقلبت المؤسسة العسكرية على الإسلاميين، وانقلب الغرب على الشعب الغزاوي وفرض عليه الحصار بسبب وصول حماس للسلطة، وأنا فى هذا المرحلة لا يمكن أن أقرأ رد فعل الغرب بشكل مضبوط، فى حالة وصولي للحكم فهناك تخوف منا، فهل أنظر تحت قدمي فقط وأبحث عن مصلحة الجماعة فقط حتى أصل للحكم بكره، أم أنظر لمصلحة البلد ككل؟ وفى النهاية العمل السياسي ليس فيه صواب مطلق ولا خطأ مطلق إلا فى حدود ضيقة.
● إننا أصحاب مصلحة فى التعاون مع الغير في تأسيس حياة مستقرة، لأننا نخاف من أن يؤدي وجودنا إلى أن يغير الجيش مثلا موقفه، ووقتها نكون نحن السبب المباشر في قتل الحياة الديمقراطية في مصر، فنحن لا نريد ذلك بالمرة، وهذه هي الأسباب التى اتخذ الإخوان على أساسها قرار عدم خوض انتخابات الرئاسة والمنافسة على أغلبية البرلمان.
● وفى إجابته عما سيحدث عندما سيثار قرار ترشيح عبد المنعم أبوالفتوح على اجتماع مجلس شورى الإخوان، قال «والله أنا من خلال معرفتي الكبيرة لكثير من أعضاء المجلس أستطيع أن أقول إن المتفق عليه بأن الجماعة ليس لها مرشح ولا أعتقد أن أحدا سيدعمه».
* فى رده على سؤال آخر حول توقع البعض بأن يكون هو مرشح الإخوان للرئاسة عندما تعتزم الجماعة خوض المنافسة عليها، قال: «أنا طبعا لا أستطيع أن أحجر على تفكير الإخوان لكن على المستوى الشخصي كنت قد قررت أن أترك أي منصب تنفيذي عند بلوغي الـ60 لكن فى ظروف السجن خشيت أن يقال إن السجن دفعه إلى التقاعد فقررت أن أمد هذه الفترة، وأنا لا أبحث عن منصب سياسي خارج الجماعة، ومقتنع أن يكون رئيس الدولة في المرحلة العمرية بين 45 والـ55».
ما سبق مقتطفات من حوار أجريته أنا وزميلي محمد خيال مع نائب مرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر نشر في جريدة الشروق في 29 أبريل عام 2011.
عقب هذا الحوار بأسابيع، بدت الدولة في نظر الشاطر ورفاقه لقمة سائغة، قرروا بلعها وهضمها، وحدهم بعد أن ظهر ضعف القوى المدنية، في أول استحقاق انتخابي “مجلس الشعب 2011″، فضلا عن حرق المجلس العسكري في أحداث مجلس الوزارء ومحمد محمود، فانقلب مهندس النهضة وفصيله داخل الجماعة على كل ما وعدوا الشعب به، وقرروا خوض معركة الرئاسة، وبالتالي السيطرة على رئاسات الدولة الثلاث “برلمان وحكومة ورئاسة”.
خاضت الجماعة المعركة واستخدمت فيها كل “الموبقات الانتخابية”، وتمكن محمد مرسي مرشح الجماعة “استبن الشاطر” من حسم المعركة في جولتها الثانية، وما أن دخل مرسي إلى الاتحادية حتى بدأت معركة الإقصاء والسيطرة على مفاصل الدولة، وهو ما استفز شركائهم قبل خصومهم، فأجمع كل الفرقاء من عواجيز مبارك وقوى الثورة إلى مشايخ النور، وصولا إلى المؤسسة العسكرية على الخلاص من مرسي وإسقاط حكم الجماعة.
قبيل اندلاع الموجة الثانية للثورة بخمسة أيام، وفي اجتماع جمع الشاطر بالفريق عبد الفتاح السيسي، هدد نائب مرشد الإخوان وزير الدفاع بحرق البلد لو حاول الجيش عزل مرسي من منصبه.
السيسي كشف في حواره الشهير مع الزميل ياسر رزق بـ”المصري اليوم” في أكتوبر 2013 عن تفاصيل اللقاء الذي استمر 45 دقيقة وقال: أخذ الشاطر يشير بأصبعه وكأنه يطلق زناد بندقية، وقال لي “إذا ترك الرئيس منصبه، فستنطلق هذه الجماعات لتضرب وتقتل، وإن أحدًا لن يقدر على أن يسيطر عليها”.
نفذت الجماعة تهديداتها وأشعلت الحرائق بعد أن سقط حكمها في 30-6، إلا أن نار تلك الحرائق لم تأكل قادة الجيش وحلفاءهم في جبهة الإنقاذ وحركة تمرد، لكنها أكلت أحلام وأهداف الثورة الوليدة، وأعادت الاستبداد مرة أخرى، وكلما تصاعدت نار الإرهاب زادت وتيرة القمع.
عملها الشاطر، وانقلب على كل ما وعد به، فعاد هو وجماعته إلى السجن، وعادت مصر إلى حكم مبارك بكل تجلياته، وشطحت سفينة الديمقراطية والدولة المدنية في تفريعة النظام الجديد.