صلاح الحفناوى
الثانوية".. ورصاصة الرحمة
"جحيم التعليم".. "انسف تعليمك القديم".. "الشعب يريد إسقاط الثانوية".. هذه عناوين بعض ما كتبته في هذا المكان عن كارثة التعليم العام علي امتداد 5 سنوات.. وهي سلسلة المقالات التي كان آخرها بعنوان "أغيثونا" نشر قبل امتحان الثانوية العامة بحوالي 3 أسابيع.. توقعت فيه حرفيا ما حدث خلال الامتحانات الكارثية التي تستحق وصف الأسوأ في تاريخنا التعليمي.. وانتهيت فيه.. وقد فقدت الأمل في الوزير والوزارة ومئات الخبراء والمستشارين وآلاف المسئولين.. إلي توجيه صرخة استغاثة إلي القوات المسلحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يقع المحظور متوقعا تسرب الامتحانات رغم أنف الوعود الوزارية والإجراءات الهزلية.. وهو ما اضطرت إليه الوزارة بعد فوات الأوان.
امتحانات الثانوية العامة كشفت عورة نظامنا التعليمي وأطلقت عليه رصاصة الرحمة.. وأكدت أن الوزير الحالي لا يصلح للمرحلة.. مع تقديرنا الكامل لمكانته العلمية وخلقه الرفيع.. ليس بسبب الغش الإلكتروني ونشر معظم الامتحانات.. فهو ليس مسئولا عن كل ذلك.. ولكن لأسباب أخري عديدة منها أن معاليه أخذ من مشكلة التعليم الشكل وأغفل المضمون.. وأن معظم قراراته لم تنفذ.. ربما لأنها غير قابلة للتنفيذ أصلا أو لأنه لا يعرف مواطن الخلل في المنظومة التعليمية.
معاليه أعلن الحرب علي الدروس الخصوصية دون أن يقدم لنا البديل.. ودون أن يشرح للطلاب كيفية استيعاب المناهج المعقدة المكسرة لقيم الغباء في غياب المعلمين والمدارس التي ترفع من الخدمة تماما في الصف الثالث الثانوي.. فهزم بالضربة القاضية.
معالي الوزير أعلن الحرب علي المدارس التي يتعمد مدرسوها التغيب عن الحصص أو تغييب الطلاب وإرباكهم لاجتذابهم إلي الدروس الخصوصية.. ولم نشاهد جيدا.. معاليه من قبل أعلن الحرب علي المدارس الخاصة التي تبالغ في زيادة المصروفات والتي لا تلتزم بالحد الأدني من متطلبات التعليم.. فقابل بعضها قراره برفع المصروفات لأكثر من 50 بالمائة دفعة واحدة.. معاليه لم يقدم إجابة مقنعة علي السؤال الحائر: كيف نختصر نتاج 14 سنة دراسة في امتحان نهاية المرحلة الثانوية.. ليضيع مستقبل من اجتهد طوال هذه السنوات بمجرد التعرض لظرف طارئ مثلما حدث هذا العام عندما تسربت الامتحانات وتم إلغاء بعضها بما يمثله ذلك من عبء رهيب علي الطالب الذي يعاني أصلا من ضغوط لا قبل للبشر بها.. أو بسبب صعوبة سؤال وضعه موجه منعدم الضمير ليستعرض قدراته علي طالب منهار نفسيا.. أو أي سبب آخر.. وللحديث بقية بإذن الله.