المتابع لما يجرى فى مصر، بل وما جرى فى السنوات الأخيرة.. فيما بعد ثورة يناير، يطرح هذا السؤال، حقا: هل تغير شيء فى إدارة أعمال الدولة المصرية؟
بداية أقول - وليس تملقا للرئيس السيسى - إن الرئيس يكاد يعمل منفردًا.. وسرعته هى سرعة ديزل مجرى قادر أن «يشيل» أى حجر يعرقل مسيرته.
أما الحكومة - بكل وزاراتها - فما زالت تعمل بنفس المنطق القديم.. أى هى حكومة تسيير أعمال.. وهى تمضى بقوة السير القديمة.. حتى فى اختيار القيادات ولا أقصد هنا الوزراء والمحافظين فقط، بل كل مسئول.. يتم اختياره بنفس النظام القديم.
<< هنا تجئ إلى الذاكرة حكاية الجاسوس «السوفيتى» القديم الذى كشفته أجهزة المراقبة ولما سألوه ماذا كان يقدم للأعداء الذين جندوه ضد دولته.. قال: ولا حاجة. إذ لما كنت مسئولاً عن ترشيح أى شخص ليتولى منصبًا حيويا طلبوا منى أن أرشح أسوأ الأشخاص.. وبذلك يتحقق للأعداء ضرب المجتمع من داخله.
وسبب هذه المعلومة الآن ما يثار عن طريق اختيار قياداتنا.. إذ ورغم مرور شهور عديدة على خلو منصب محافظ القاهرة لم يتم شغل المنصب رغم أن محافظ العاصمة هو عبارة عن مجلس وزراء، على الأقل من وزراء الخدمات وتأخير الاختيار لكى يتم التعيين ضمن مجموعة من المحافظين مرشحة للخروج.. فهل هذا سبب كافٍ لبقاء منصب المحافظ العمدة دون وجود من يقوده؟
<< وأعلم أن هناك العديد من الأشخاص عرض عليهم تولى هذا المنصب.. ولكن كلهم رفضوا.. أو اعتذروا.. وفضلوا الابتعاد بسبب التطور الأخلاقى الذى أصاب المجتمع منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن.. وسوء تصرف كل أجهزة الإعلام مع كبار المسئولين، الذى يصل إلى حد الإهانة والاستهانة.. وقلة الذوق. وهذا الرفض امتد من المحافظين إلى الوزراء.. إذ حتى لو أضاء الواحد منهم أصابعه وحولها إلى شموع، فلن يرضي أحدًا.. فما بالكم بغول يسمى الآن «غول الإعلام»!!
<< ورغم أننا مشهور عنا أننا شعب مغرم بالاجازات حتى قيل إننا نحتاج إلى اجازة، عقب كل إجازة، لنرتاح من تعب الاجازة!! فلازلنا نعشق الاجازات.. وإذا كان المصري يتأفف من العمل طوال شهر رمضان فإنه أيضا حصل على إجازة رسمية فى العيد استمرت 5 أيام. رغم أن الاجازة الرسمية - بالحكومة - كانت ثلاثة أيام.. ولأول مرة اعترفت الحكومة بما يسمى خطأ «يوم الوقفة» لأنه لا وقفة تسبق عيد الفطر.. وأدخلته الحكومة ضمن الاجازة الرسمية.. ومنهم من أدمن التزويغ يوما أو يومين قبل الاجازة الرسمية.. ومثلهما، بعدها.. فهل هذا سلوك شعب قام بثورتين لتصحيح أوضاعه. أم قام بالثورتين.. ثم نام بعدهما.
<< والمؤلم - أو ما يؤكد أن شيئا فينا لم يتغير - هو تزايد عمليات الهجرة غير الشرعية التى تتجه شمالاً بل أصبحت مصر مركزًا للهروب والهجرة.. ولكن الأغرب أن هذا المصري الذى لم يعد يعمل كما يجب وهو داخل بلده يكد ويجد ويعرق ويعمل وربما يواصل العمل ليلًا و نهارًا.. ولكن ذلك وهو خارج مصر.. ولكنه لا يعمل داخلها، كما يعمل خارجها.
وابحثوا أسباب تصاعد الهجرة غير الشرعية - وأسباب تكاسل المصري داخل بلده لتجدوا الجواب: هل تغير أي شيء في مصر!!