محمد جبريل
ع البحري .. بلير.. وأخطر جرائم العصر
هل يكفي اعتذار توني بلير عن مشاركة بلاده في غزو العراق للتغاضي عن أخطر جرائم هذا العصر؟
أعلن بلير في مجلس العموم البريطاني أنه وعد ـ قبل الغزو ـ باتباع خطوات الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش اعترافاً بجميل واشنطن علي بلاده والمعني أخطر من أن يصدق فالرجل دفع بجنود بلاده لخوض حرب شرسة مدمرة. لمجرد إرضاء الشريك الأمريكي. واعترافاً بجميله. لم يتوقف السياسي الإنجليزي أمام فداحة الثمن الذي دفعه شعب العراق لتلك الحرب الهوجاء التي اختلقت الكثير من الأسباب تبريراً لقيامها. حتي جنود بلاده لم يسلموا من تأثيرات الحرب. وشاهدنا علي القنوات الفضائية نعوش القتلي البريطانيين عند إعادتهم إلي وطنهم.
تصريحات بلير وردت تعقيباً علي تقرير لجنة التحقيق حول مشاركة بريطانيا في عملية غزو العراق. تحت دعاوي وشائعات. ثبت ـ بعد انتهاء الغزو ـ بطلانها ـ باعتراف الرئيس الأمريكي ـ وإنها لم تكن سوي حجج أوعزت بها الجهات ذات المصلحة الأهم في تحويل الوطن العربي كله إلي خرائب مدمرة. ووجه التقرير انتقادات للطريقة المعيبة التي اتخذ بها بلير قراره بالمشاركة في الغزو.
أضاف التقرير أن بلير تجاوز سلطة مجلس الأمن. وأهمل الأسس القانونية للتدخل العسكري في بلد ما. كما هون من التحذير الذي وجه إليه باحتمال تصاعد نشاط القاعدة. نتيجة اختلاق الصراع الطائفي بين مكونات المجتمع العراقي.
عكست اعترافات بلير خطورة الأوضاع التي تعانيها السياسة الدولية. وأن تسميات مثل "المجتمع الدولي" ما هي إلا واجهات لإخفاء جرائم بشعة في حق الشعوب المسالمة. ومصادرة مقومات حياتها. بداية من التاريخ والتراث وحتي الاستيلاء علي الموارد والثروات. وتحويل بلد الرافدين إلي أنقاض وأطلال متهدمة. وقتل الملايين من أبنائه. واندفاع مئات الألوف لركوب البحر فراراً من الموت. ليلحقهم الموت في أمواجه!
قال بلير إنه يشعر بالأسف والندم بأكثر مما يتخيل أعضاء مجلس العموم. وأردف إنه يتحمل المسئولية الكاملة لما حدث من أخطاء. دون استثناء أو عذر. والواقع أن ما حدث جرائم حرب بامتياز تجاوز عبارات الأسف والندم وطلب التوبة والغفران. وباختصار. فإن مرتكبيها يجب أن يدفعوا مقابل أفعالهم الشريرة.
المأساة التي تطرح ـ حتي الآن ـ ثمارها السلبية. أكبر وأخطر من يعتذر عنها الجناة. وصيغة الجمع تشمل ـ إلي جانب بلير ـ كل القيادات الأمريكية والبريطانية التي استهدفت العراق. والوطن العربي. بجرائم ضد الإنسانية. بداية من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ووزير خارجيته تشيني. ووزير دفاعه مانسفيلد. ومستشارته للأمن القومي كونداليزا رايس. مروراً بتوني بلير وأعضاء وزارته. وانتهاء بالعمالة التي تدين مسئولين داخل العراق وخارجه.
هذه مسئولية محكمة الجنايات الدولية.