جمال زهران
زيارة نيتانياهو الإفريقية.. والدور المصرى
هذه هى الجولة الرابعة لرئيس وزراء اسرائيلى فى افريقيا، بعد زيارة ليفى اشكول عام 1969، وزيارة اسحق شامير عام 1987، وشيمون بيريز بنهاية الثمانينيات. وربما كانت الزيارات السابقة تتحرك لخلق الوجود الاسرائيلى بالقارة الافريقية على العموم،
ماهو الجديد فى هذه الزيارة لرئيس وزراء اسرائيل (نيتانياهو)؟ الجديد بوضوح وحسم وهو لم يحدث من قبل، أنها تركزت على أربع دول وقعت على اتفاقية «عنتيبى» بخصوص إعادة توزيع حصص مياه النيل، وهي: (كينيا، وأوغندا ورواندا وإثيوبيا)، ثم التقى برؤساء قادة (7) دول من بينها الدول الأربع التى زارها، بالاضافة إلى تنزانيا وزامبيا وجنوب السودان). والذى يطالع صور هذا اللقاء؟ يتأكد أنها كانت ثمرة جهود اسرائيلية سابقة، حيث كان يجلس رئيس وزراء اسرائيل وسط القيادات السبع، بزهو وكبرياء وغرور!! فماذا كان وراء هذه الزيارة؟ الاجابة: أن هذه الزيارة تركزت على دول حوض النيل، وكان اللقاء الرئيسى فى أثيوبيا التى تشيد سد النهضة الذى لم يعد خافيا على أحد أنه ستمر دون مضيعة للوقت، وأنه يسبب ضررا فادحا لمصر على وجه التحديد، وأن حصة من مياه النيل سوف تنقص نحو (10)مليارات م3، من بين حصة إجماليها (55) مليار م3!! فى ذات الوقت تستهلك الدبلوماسية المصرية الوقت دون انجاز حقيقي، ودون ممارسة الضغوط الكافية ودون التلميح إلى الخيارات المفتوحة لضمان حقوق مصر، وأضحى الخطاب السياسى المصرى خاصة فى السنوات الثلاث الأخيرة بعد ثورة 30 يونيو، خطابا استسلاميا، وتراجعيا انخفض حتى عن رد الفعل، وانعدمت فيه المبادرة.
إذن هذه الزيارة بعيدا عن تفاصيلها وتفاصيل المساعدات التى تقدمها وستقدمها اسرائيل إلى هذه الدول من معونات فنية وعسكرية وبرنامج مساعدات.. إلخ إلا أنها تبقى فى الذاكرة السياسية، أنها هجوم مباشر على مصر، وتحد واضح للدور المصرى الذى تعطل نحو (40) عاما، ومازال غير قادر على المواجهة، والانتقال من السكون إلى رد الفعل أو المبادرة.
فعندما استمعنا إلى هجوم وزير الاعلام الاثيوبي، ومن بعده رئيس الوزراء الإثيوبى على مصر، واصرارهم على استمالة السودان، الذى يثير القلق مع مصر بخصوص «حلايب وشلاتين» فى سياق التبرير للتعاون مع أثيوبيا، حتى التصريحات السودانية تأتى فى سياق أن السد سيفيد السودان، ولن يسبب أضرارا لمصر، وأن السودان ليس لديه مانع من قبول اتفاقية «عنتيبى»، فإن أثيوبيا باتت مطمئنة بأنها أضحت تحت الحماية الاسرائيلية، والرعاية الأمريكية، وأنه لم تعد مصر فى مواجهة مع أثيوبيا فحسب أو وحدها.
إذن علينا أن ندرك أن ماوراء هذه الزيارة هو الحصار الاسرائيلى لمصر عبر التحكم فى منابع النيل، وأ نها بذلك تستطيع إضعاف الموقف المصري.
والأسوأ وبعد توقف الزيارات الرسمية بين مصر واسرائيل خلال (10) سنوات، أن يقوم وزير خارجية مصر، بزيارة اسرائيل والالتقاء برئيس الوزراء، (نيتانياهو) والتوقيع على أوراق غير معروفة، عقب الانتهاء من زيارته لأفريقيا، فهذه الزيارة فى توقيت سيئ، عززت ما فعلته اسرائيل فى دول حوض النيل، والنتيجة مكاسب إضافية ومجانية لاسرائيل (صلح اسرائيلى تركى وجود اسرائيلى فى دول حوض النيل ـ زيارة وزير خارجية مصر لاسرائيل)!! أقولها بوضوح أن مصر فى خطر، ودورها القيادى يواجه أزمة حقيقية.