يسرى السيد
أنقذواً الاوقاف من الحكومة!!
فرحت جدا عندما قرأت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزير الاوقاف د.محمد مختار جمعة منذ أيام پبضرورة اِتخاذ كل الإجراءات للحفاظ علي أموال وأصول الأوقاف وحُسن استثمارها وإزالة أي تعديات عليها وضمان حقوق أموال الأوقاف والحرص علي تحصيلها وضرورة أن يكون أي استبدال أو تأجير لأي من ممتلكات وأصول الأوقاف بالقيمة السوقية العادلة حتي تُحقق الأوقاف المقاصد الشرعية التي أوقفت من أجلها ..لكنني استغربت في نفس الوقت تصريح وزير الاوقاف بانه عرض علي الرئيس پخطة الوزارة لتطوير منظومة الأوقاف وسُبل تعظيم استثماراتها والإجراءات التي تقوم بها هيئة الأوقاف بتكوين محفظة مالية ضخمة عن طريق استبدال الأصول غير المنتجة أو المنتجةپانتاجًا لا يتناسب وقيمة هذه الأصول. فضلًا عن تحديث أسلوب إدارة المحفظة لتصبح إدارة استثمارية بما يحقق أعلي عائد..!!
وجه الترحيب يكمن في حرص الدولة من خلال الرئيس علي الحفاظ علي اموال الوقف.. اما وجه الاستغراب ان هناك مافيا وعصابات كبيرة متعددة الاطراف من داخل هيئة الاوقاف لبيع الاوقاف بتراب الفلوس او استغلالها بشكل يتنافي مع الغرض من وقفها.. وقد كتبت في هذا المكان مقالين الاول بعنوان : مافيا الأوقاف تسرق مصر يا سيادة الرئيس بتاريخ 18 فبراير 2016 والثاني بعنوان سيادة الرئيس انقذ مصر من مافيا الاوقاف قبل فوات الآوان "2" بتاريخ پ25 فبراير 2016!!
واستعرضت وكشفت في المقالين بعض حيل هذه المافيا والعصابات للاستيلاء علي اراضي وأوقاف لاابالغ اذا پقلت بالاف المليارات لانها ببساطة نسبة كبيرة من اراضي مصر المحروسة وللاسف ساهمت بعض القوانين في تسهيل عملية الاستيلاء حين اتاحت تقسيم الاوقاف الي وقف أهلي وآخر خيري ولا مانع من عرض ما سبق ان كتبته لعل في الاعادة افادة قلت:
أعرف أنني لن أدخل عش الدبابير فحسب لكن سأنزل إلي بحيرة التماسيح والحيتان والديناصورات.. أعرف أنه لا عاصم إلا الله والرئيس عبد الفتاح السيسي ومجلس النواب والعديد من المحامين الشرفاء إذا لزم الأمر!! القضية تتعلق يثروة مصر من الأراضي الزراعية وأراضي البناء التي تشكل غالبية أرض مصر والتي التي تقع تحت حيازة وزارة الأوقاف وبالتحديد هيئة الأوقاف المصرية.. ويكفي أن أقول إن القاهرة الإسلامية مثلا كلها أو أغلبها أراضي أوقاف وما أدراك ما سعر متر الأرض في قلب القاهرة!
وقلت ان الوقف نوعان: "وقف خيري" يتعلق بالجانب الخيري لصالح الناس عموماً. وهو ما ورد فيه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن "الصدقة الجارية" التي يستمر ثوابها حتّي بعد ممات صاحبها.. أما النوع الآخر من الوقف فهو الوقف الأهليّ "الذّرّيّ" الذي يوقفه المرء لصالح ذريته من بعده للانتفاع به.. وأطلق عليها الغربيون لاحقا اسم¢منظمات المجتمع المدني- ومن المفارقة اننا استوردنا مصطلحها منهم في القرن العشرين بعد أن همشنا دور الأوقاف ومحوناه من عندنا..
وظل نظام الوقف الإسلامي يمثل علي مدي ثلاثة عشر قرناً صورة من أروع صور ينابيع الخير والتعاون الإنساني حتي عمد المستعمر للحد من الدور الإيجابي للوقف ومؤسساته. خاصة في تنشيط الوعي الوطني. وبانتهاء عهد الاستعمار. دخلت البلاد الإسلامية عهداً جديداً من التطور السياسي.وكانت تركيا أول من الغي پالنظام القديم للأوقاف ووضع ممتلكاته تحت الإدارة الحكومية . و صدرت قوانين إلغاء الوقف الأهلي في العديد من الدول.. لبنان سنة 1947. و سوريا 1947. ومصر 1952. وفي العراق 1954..الخ..ومنذ إلغاء الوقف الأهلي في مصرعام 1952 ماذا حدث ..؟.. آلت الملكية إلي وزارة الأوقاف فماذا فعل من آلت إليهم هذه الثروة وماذا فعلوا بها؟
ظهرت منذ سنوات واستفحلت منذ سنوات قليلة مافيا جديدة من پبعض موظفي هيئة الأوقاف يحركهم الحيتان الكبار بما متلاءم مع الغنيمة وتم سن القوانين التي تحمل في ظاهرها الرحمة وباطنها النهب ..علي سبيل المثال في الوقف الأهلي التي خصصها صاحبها منذ مئات السنين لأعمال السكني للغلابة أو ما شابه ذلك صدر قانون الحكر الذي أكد أن أقصي استفادة لساكني هذه المباني لا يزيد علي 59 عاما.. يعني ببساطة وبما لا يدع مجالا للشك أي ساكن لهذه المباني أو ورثته بمعني أدق أصبح بمنطوق هذا القانون لا صفة له ولا حق له في البقاء.. وهنا لا بد من إعادة المبني للدولة أو بالأصح لمافيا الأوقاف.. وهنا تبدأ المساومات أو الاستيلاء علي هذه المباني والأراضي التي عليها وبيعها لآخرين رغم مخالفة ذلك لوصية صاحب الأرض بأن تظل وقفا لأعمال الخير وليس للكسب والاتجار!!
المهم وكله بالقانون أصبح هناك ما يسمي بالاستبدال أي نبيع هذا الوقف لكي نستبدله بوقف آخر.. وليس جيوب هذه المافيا بعد اضاعة پقيمة الوقف بين مكافآت ورواتب موظفي الأوقاف من جهة وبين كروش هذه المافيا من ناحية أخري ..وتفتقت أذهان هذه المافيا عن أشكال متعددة للاستيلاء علي هذه الأراضي.. علي سبيل المثال إعطاء هذه الأراضي بملاليم لجمعيات الإسكان لموظفي الأوقاف أو لموظفي العديد من الهيئات الأخري ليتم بيعها بالملايين آسف بمئات المليارات ليستفيد بها من لا تنطبق عليهم وصية الواقف .. يعني خصص أو باع من لا يملك لمن لا يستحق !!..ولأن ورثة أصحاب الأوقاف تعددوا وفقدوا الأمل في استرداد أملاكهم بعد أن أفقد موظفو الأوقاف الوقف الأصلي من هدفه پلذلك نشأت مافيا جديدة محتمية بالقانون.. علي سبيل المثال:
يذهب أفراد هذه المافيا للحصول علي توكيلات من الورثة بعد تحديد وقف معين لمورثهم ويبدأون معركة الاستيلاء علي الوقف من الدولة بمساعدة حفنة من الفسدة من موظفي هيئة الأوقاف وبعض المحامين لصالح احد الكبار.. وتبدأ الاجراءات والمساومات والصفقات التي تبدأ پبتحويل وقف خيري إلي وقف أهلي ثم تحكيره طبقا لقانون الحكر ثم تطبيق قانون الاستبدال ليتم البيع النهائي للبعض بملاليم رغم أن القيمة الأصلية بملايين, وتشهد أحياء وسط القاهرة خاصة في الأحياء التاريخية وسط القاهرة منذ فترة نشاطا واسعا متورط فيه شخصيات رفيعة المستوي . پومراجعة دقيقة لما تم في السنوات الأخيرة تفضح المستور الذي تشيب له الولدان!!..
للأسف ظن موظفو هيئة الأوقاف أن أراضي الأوقاف ملكية خاصة لهم ورثوها عن أجدادهم ..وبعيدا عن الكلام المرسل تتم سرقة هذه الأراضي والممتلكات ظاهريا بالقانون. وباطنيا بالحيل والآلاعيب مع سيادة قوانين السرقة والتهليب وشعاراتها مثل "شيلني واشيلك" ويا بخت من نفع واستنفع.. بحق يراد به باطل.. حولوا قوانين الحكر والاستبدال و وإدارة الأوقاف واستثمارها بالتصرف فيها علي أسس اقتصادية. بقصد تنميتها وهذا يخالف صاحب الوقف الاصلي الذي لو اراد إدارة وقفه بشكل اقتصادي ما تبرع به من أجل الخير..
مثلا الذي أوقف مئات أو آلاف الأفدنة من أجل الإنفاق علي دار الكتب أو المساجد أو دور الأيتام كان يريد أن ينتفع بها فقراء وليس أساتذة جامعة أو أغنياء ممن تخصص لهم آلاف الأفدنة من أجل بناء مساكن لهم بعد طرد الفقراء منها !!..
مثلا لم يضع العاملون في هيئة الأوقاف حصوة ملح في أعينهم حين راحوا يتاجرون في هذه الأراضي جهارا نهارا لصالحهم بعد تخصيص پاجود الاراضي الزراعية لهم لتبويرها ثم بناء مساكن عليها ليقوموا بالإتجار فيها فيما بعد طرد مئات ولن أقول ملايين الفلاحين منها وإذا أردنا أمثلة سنجدها في كل مكان.. في منشأة القناطربالجيزة والدقهلية والبحيرة والمنيا.. الخ.. رغم أن الصحاري عندنا تبحث عن سكان. لكنه الغباء الذي وصل لمداه عندنا حين نبور أفضل الأراضي الزراعية القريبة من النيل والترع ثم ننفق المليارات من الجنيهات علي استصلاح الصحراء الجرداء البعيدة عن النيل !!.. المهم وصلت البجاحة مداها عندما يتم البدء في إجراءات طرد مئات الآلاف من فقراء هذا الوطن من أراضيهم ومنازلهم وهم من تم وقف هذه الأراضي من أجلهم.. ومن أجل ماذا؟.. من أجل بيعها في المزاد للأغنياء!!..
ويكون السؤال وإجابته المرة معروفة: هل يتم ذلك من أجل الحصول علي مبالغ أكبر لاستثمارها لصالح الأوقاف؟
سأكون حسن النية وأقول يمكن. ومعكم حق رغم يقيني أن هذا يخالف وصية صاحب الوقف نفسه , لكن تعالوا نكمل اللعبة معهم بهذا السؤال: تري هل تستفيدون كموظفين ومسؤلين عن الأوقاف من هذه العمليات من البيع والاستبدال وفك الحكر وخلافه أم يتم ذلك لوجه الله؟...بمعني أدق ما هي نسبة العمولة التي ستحصلون عليها من هذه العمليات؟ فإذا كانت لوجه الله- وهذا غير صحيح- فإن الله طيب لايحب إلا الطيب من جهة.. ومن جهة ثانية نريد معرفة حجم المكافآت التي تقبضونها بشكل رسمي بعد كل عملية بيع واستبدال.. الخ؟ .