الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
الأيام دِوَل
عبدالرحمن بن خلدون. عالم الاجتماع العربي المسلم الشهير. والمؤرخ العظيم صاحب كتاب المبتدأ والخبر في أخبار العرب والعجم والبربر. الذي اشتهرت مقدمته بين المثقفين والمؤرخين. وعلماء الاجتماع أكثر من شهرة الكتاب نفسه وابن خلدون أورد في المقدمة فيما أورد من آراء.. أن الأمم. في صعود. وهبوط.. تمر عليها عصور وهي في أزهي صور النصر. والازدهار ثم تمر عصور أخري ينخر في عظامها الغطرسة. والخيلاء. والغرور مما يؤدي الي انهيارها يوما بعد يوم. إلي أن تفيق ان قُدِّر لها الافاقة.
أمريكا أذاقت الشعوب خاصة بمنطقة الشرق الأوسط والدول العربية والاسلامية خاصة. مر التمزق. وآفة العنصرية. وجريمة الانقسام.. أشاعت بين الشعوب. روح الانفصالية. وهوس المذهبية وشر العرقية حتي ولو جمعهم الدين واللغة وزكت كل طائفة لتضرب أختها التي زكتها هي الأخري.. بالسلاح والتدريب وتجنيد العملاء والخونة من سكان المناطق المنكوبة وما يحدث وما حدث في العراق ليس ببعيد. واليمن وسوريا وليبيا وتحفيز الأكراد علي الانفصال واشعال الفرقة بين السنة والشيعة. وما حدث في السودان من تقسيم ومحاولات تقسيم "أخري لشماله وجنوبه.. وراء ذلك كله ويحركه أجهزة مخابرات عالمية بقيادة أمريكا إلا أنه يبدو أن أمريكا ستشرب من ذات الكأس التي سممتها لشعوب العالم.
قديماً قام القراصنة لصوص البشر بخطف وسرقة بعض سكان غرب أفريقيا "ليبريا وما حولها" ليكونوا عبيدا لدي المهاجرين والمطرودين والفارين من غرب أوروبا الي القارة الأمريكية وقد أبادوا معظم السكان الأصليين ممن أطلق عليهم الهنود الحمر.
عاش السود المختطفون في أمريكا يعانون الذل والهوان علي أيدي المستوطنين البيض. في أمريكا ومع تطور المعاملات من العبودية الي مرحلة التفرقة بكتابة لافتات تحمل عبارة "ممنوع دخول السود والكلاب" في بعض الأماكن حتي انتهت تلك التصرفات التي لا تليق بالانسان تماماً في الستينيات من القرن الماضي بعد ضياع كثير من الضحايا السود ومقتل مارتن لوثر كينج الزعيم الأسود.
لكن هل تخلص الرجل الأبيض من غِلِّه. أو نسي السود ما عانوه من ذل وانكسار.. بدأت في الآونة الأخيرة صدامات بين بعض البيض وخاصة رجال الشرطة منهم وبين السود من سكان أمريكا وفي هذه المرة لم يكن السود هم أولئك العبيد الذين خضعوا لسوط الأبيض المغرور أو لعبودية القوانين اللانسانية الظالمة إنما تصدوا لذلك الابيض الذي استخدم سلاحه الناري فبادله الاسود نارا بنار وقتلا بقتل.. فهل يؤذن ذلك ببدء عمليات عنف مخيف يؤدي مستقبلا الي محاولة السود انشاء كيان خاص بهم يجمعهم ويوحدهم ويحميهم ليقفوا رأساً برأس وقدماً بقدم أمام تغول البيض وانحراف خلقهم.. هل آن الآوان لتذوق أمريكا روح التمزق العرقي والانقسام القائم علي اللون. وأصل الجنسية. وتشرب من ذات الكأس التي جرعتها للأمم الأخري في منطقة الشرق والبلاد العربية. هل سيتطور هذا الاشتباك الذي تتواتر أنباؤه من وكالات الأخبار العالمية الي الحد الذي تصبح معه الولايات المتحدة أكثر من دولة لا أكثر من ولاية.
سترينا الأيام ما الذي يسفر عنه هذا الغرور القاتل الذي يظن أصحابه أنه لا يعلو عليهم أمة أخري بسبب ما وصلوا إليه من تقدم تكنولوجي أعماهم عن حقوق غيرهم من البشر في أن يعيشوا آمنين.. نحن لا نشمت في أحد.. إنما نقرأ التاريخ ونستلهمه محاولة منا في الوقوف علي حكمته..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف