التحرير
سامح عيد
معركة التراث تشتعل
طالبتُ فى هذه الزاوية فى الأسبوع الماضى أن نجلس جلسة هادئة نناقش القضية، لنصل إلى نقطة اتفاق، ولكن القضية ازدادت اشتعالًا، فالقضايا بدأت تتحرك ضد إسلام بحيرى. الأزهر أصدر بيانًا، وطالب هيئة الاستثمار بوقف البرنامج، والأخبار تقول إن هيئة الاستثمار بشكل حقيقى تحرَّكت لإنذار القناة، ظهر إسلام بحيرى على قناة «ten» مع عمرو عبد الحميد، وبعدها مكالمة تليفونية على «المحور» مع إيمان الحصرى، مع حفظ الألقاب للجميع، مع الدكتور عبد الله النجار، والدعوة إلى مناظرة، ربما لم يتم الترتيب لها جيدًا، فجاء الدكتور محمد الشحات الجندى، ودخل إسلام على التليفون، اللغة كانت عصبية بعض الشىء، والاتهامات متبادلة، ودخل على الخط الشيخ خالد الجندى وأسامة الأزهرى، والدعوة إلى مناظرة علنية يوم 15 من هذا الشهر، ولا أعتقد أنها ستأتى بخير فى ظل تلك الأجواء العصبية، فالكل يريد أن ينتصر لرأيه، ويوجه الإهانات إلى الطرف الآخر، وعصبية بعض مشايخ الأزهر لا تقل عن عصبية «إسلام»، فالاتهامات بالجهل متبادلة من الطرفين، ربما تكون بعض مفردات إسلام حادة وقاسية، ولكن على الطرف الآخر، الأزهر، نجده يتحصّن بالدستور ويغالط ويقول إنه المتحدث الوحيد باسم الإسلام، رغم أن المادة 7 تتحدَّث عن أنه مرجع أساسى وليس وحيدًا.

الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كل شؤونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولّى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم.

أشيد بموقف خالد الجندى بأنه ضد منع البرنامج، وأن الرأى مقابل الرأى، وهذا كلام محترم أُثمّنه، وفكرة المنع تجاوزها الزمن فى اعتقادى، بل على العكس المنع يزيد الناس متابعة، وخلاصة القضية ما قاله الحبيب علِى الجفرى مع خيرى رمضان: «البخارى» ليس مقدسًا وليس مدنسًا، والتاريخ الإسلامى والفكر الإسلامى ليس هو الإسلام نفسه، وسيظل مادة للبحث والدراسة فى الشرق والغرب، ولن يستطيع الأزهر احتكار البحث فى التاريخ والفكر الإسلامى، بل إنى أستطيع أن أجزم بأن ما قدمه الأزهر فى مجال البحث فى التاريخ والفكر ضئيل جدًّا، مقارنة بما قدّمه المغرب العربى من جهة والغرب من جهة أخرى، بعلمائه الغربيين والعرب، وازدادت عملية البحث فى الآونة الأخيرة مع ظهور الإسلام السياسى وجماعات «داعش» و«بيت المقدس»، وغيرها، خصوصًا أنهم يستدعون تأويلات لآيات قرآنية من كتب التراث، وأيضًا يستدعون أحاديث نبوية، وشروحاتها سواء لـ«البخارى» أو غيره من أئمة الحديث، ففكرة الاحتكار مرفوضة، وفكرة التحصين مرفوضة أيضًا، وفكرة الاتهام بازدراء الأديان والطعن فى الثوابت ومحاربة الدين، كلمات خطيرة، تدفع فى اتجاه إهدار الدم، ولا يجوز معها تقديم حسن النيّات فى تلك الأمور، فلا بد أن تنضبط الألفاظ، فهناك كثير من الغوغاء والدهماء سيتلقفون مثل هذه الكلمات، وينطلقون للقتل، وهذا ليس بعيدًا، فقد حدث مع نجيب محفوظ، ونجاه الله، وحدث مع فرج فودة، دعواتنا له بالرحمة والمغفرة، ولن تفيد بعدها كلمات من عيّنة: الإسلام برىء من أفعال هؤلاء، وهذه أفعال فردية، والشجب والإدانة، وغيرها من الكلمات، وربما رفع القضايا، سيفتح على الأزهر أبواب قديمة، مثل علِى عبد الرازق، ونصر حامد أبو زيد وعبد المعطى حجازى وفاطمة ناعوت مؤخرًا، كنت أتمنى أن لا يكون القضاء ساحة لتلك المنازلات، وأن يكون البديل هو الجريدة والمجلة والراديو والتليفزيون.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف