السيد العزاوى
الكلم الطيب .. خطبة الجمعة بين الإملاء والإبداع
ثار جدل بين أهل العلم والأئمة والمهتمين بشئون الدعوة حول اقتراح وزارة الأوقاف أن تكون خطبة الجمعة مكتوبة وأن يتم توزيعها علي الائمة وذلك بعد اختيار الموضوعات التي تتناولها الخطبة وذلك في محاولة لتوحيدها بكل المساجد في إطار تجديد الخطاب الديني. وقد ابدي كثير من العلماء بالأزهر والأوقاف الاعتراض علي هذا القرار واعتباره إهانة لكل من يعتلي المنبر إذ يجب ترك الفرصة للإمام لاختيار الموضوعات التي تتناسب مع المجتمع الذي يعيش بوسطه وفقا للقضايا المثارة لأن الأمر يختلف بين القرية والمدينة وبين منطقة وأخري. بينما بقف البعض مؤيدا للفكرة في إطار تجديد الخطاب الديني والجدال لا يزال ممتدا بين كل الأطراف وأصحاب كل رأي يتشبث بموقفه.
المتابعون لكل هذه الآراء المطروحة في الساحة احتاروا وتساءلوا هل تكون ¢خطبة الجمعة بالإملاء أم بالإبداع¢ ولا شك ان اصحاب كل رأي يستهدفون الصالح العام ونشر الوعي الديني بلغة تناسب عصر الفضائيات والسماوات المفتوحة لكن هناك جوانب تقتضي الخروج من هذا الجدال الذي لن يصل إلي رؤية مشتركة تؤدي الغرض منه.
الكلمة التي تنطلق من فوق المنبر. في المقدمة من هذه الجوانب ضرورة تأهيل الائمة في مختلف المواقع وعقد دورات لهم مع كبار العلماء وشيوخ الأزهر والاستماع لآرائهم في محاولة للوصول إلي رؤية مشتركة خاصة أن هناك مجموعات من هؤلاء الائمة لديهم أبداعات طيبة ومعالجات لمختلف القضايا التي يتعايشون معها في المنطقة التي يتواجد بها المسجد كما يجب طرح مختلف الآراء في مناقشات حوارية والاستماع إلي كل الأطراف ولا يجب اغفال ان هناك بعض الائمة قد دخلوا هذا المجال حديثا فلا مانع من عقد دورات لهم لكي يزدادوا معرفة واكتسابا للمهارات من أهل العلم والفكر بحيث يصبح لدينا مجموعة من هؤلاء الرجال قادرين علي معايشة المجتمع ونشر صيحيح الدين والرد علي كل الشبهات التي يطرحها البعض فالإسلام يتعرض هذه الأيام للتشويه من جانب المغرضين خاصة المتطرفين ودعاة العنف وأعمالهم التي تتنافي مع سماحة الإسلام واعتداله ووسطيته لا تخفي علي أحد.. وأعتقد أنه يكفي تحديد موضوع خطبة الجمعة كما فعلت الوزارة ويترك للإمام المعالجة.
اعتقد أن كل النوايا حسنة سواء من جانب وزارة الأوقاف أو الذين يختلفون مع رؤيتها والجمع بين كل الآراء يقتضي عقد لقاءات دائمة مع الائمة وكبار العلماء سواء بالأزهر أو بالأوقاف والاستماع لكل الآراء.. وفي النهاية نتيح الفرصة للائمة في أن تكون هناك مساحة للإبداع والتعبير عن المشاكل والقضايا التي تتواءم مع المجتمعات التي يتعايشون معها يوميا وأن تكون متابعة لهذا الآداء ولا مانع من تدخل كبار العلماء من الأوقاف بالتوجيه لهؤلاء الرجال في مناخ يتفق مع أهل العلم لأن الكبار يقع علي عاتقهم مسئولية توعية الأجيال ونقل الخبرات لهم وبهذا الأسلوب اعتقد أنه سيتكون لدينا مجموعات من هؤلاء المبدعين في شتي المجالات الأهم أن نضع الائمة في بؤرة الاهتمام وأن نحيطهم دائما بالرعاية والتقدير لأنهم يؤدون دورا رائدا في خدمة الإسلام والوطن وسائر فئات المجتمع فهؤلاء محط الانظار ويلجأ إليهم البعض للاستفسار عن بعض الأمور الدينية وما يطرأ لديهم من مشاكل ولا يجدون غير امام الجامع لسؤاله والحصول علي القيم والمبادئ التي تنير لهم الطريق.
حقيقة أن الابداع هو الطريق الامثل بشرط أن تكون هناك لقاءات دائمة ومتجددة بين كل المسئولين بالأوقاف وغيرها من المؤسسات السياسية والاجتماعية وهيئة كبار العلماء ودار الافتاء وجامعة الأزهر. ومن يتأمل مسيرة هؤلاء الأئمة يجد أن هؤلاء الائمة قد خرج من بينهم ائمة كبار أضاءوا الطريق لسائر البشر وكانوا نماذج في الابداع ومعالجة قضايا المجتمع في اطار قيم الإسلام وسماحته ووسطيته وغني عن البيان فهناك من هؤلاء الرجال علي سبيل المثال فضيلة الشيخ محمد الغزالي والشيخ سيد سابق رحمها الله وهناك غيرهم من الرجال الأفاضل سواء منهم من رحل عن عالمنا أو الأحياء اطال الله في أعمارهم. وسوف يظل الائمة منارة يستفيد منها كل أبناء المجتمع.