البديل
محمد سعد عبد الحفيظ
جيل عادلي وبدر و”أشباه الدولة”
في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري يشاهد نهائي الأمم الأوربية في مقر إقامة رئيس وزاء العدو الصهيوني بنيامين نيتنياهو بالقدس المحتلة، أثناء تناولهما طعام العشاء، كان عدد من الشباب الذين خرجوا يدافعون عن الأراضي المصرية، يعانون الأمرين في سجون نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.

نقل شكري رسالة شفهية من رئيسه عبد الفتاح السيسي إلى نيتنياهو، تحمل “رؤية محددة ورغبة فى الاستماع إلى الطرف الآخر، والمحددات التى يمكن على أساسها استئناف المفاوضات المتعلقة بعملية السلام”، بحسب ما أعلن السفير أحمد أبو زيد المتحدث باسم الخارجية، والذي لم يكشف في تصريحاته الصحفية عما دار خلال 4 ساعات من المباحثات مع الجانب الصهيوني.

الزيارة التي أثارت جدلا واسعا في مصر وخارجها، سبقتها زيارة لرئيس الوزارء الإسرائيلي إلى أثيوبيا، والتي كشفت مدى النفوذ الصهيوني في أفريقيا، وأوضحت كيف تمكنت دولة العدو من استغلال كل فراغ حدث بفعل الانسحاب المصري خلال العقود الماضية.

لم يستبعد بعض المراقبين أن تكون مصر طلبت بشكل غير رسمي من إسرئيل أن تتدخل كوسيط بين القاهرة وأديس بابا، لحل الأزمة المتصاعدة بسبب سد النهضة، لاسيما بعد عودة العلاقات الدافئة التي أشار إليها السيسي في خطاب سابق له، وفي ظل الدور الذي لعبته مصر في تقريب المسافة بين تل أبيب والرياض، عقب تنازل نظامها عن جزيرتي تيران وصنافير ما سهل للسعودية إقامة علاقات مباشرة مع إسرائيل.

اللافت أن النظام المصري الذي سقط في اختبار القوى على المستوى الإقليمي، وصار أقرب إلى تابع للكفيل الاقتصادي “السعودية” والكفيل السياسي “إسرائيل”، يستأسد على الشباب الذين ثبتوا شرعيته بعد أن نزعوا الشرعية عن نظام الإخوان، فنكل بهم وزج بهم في السجون بعد أن فاض بهم واعترضوا على اتفاقية العار، التي قضت بتنازل مصر عن مضيق تيران الاستراتيجي لآل سعود حلفاء تل أبيب الجدد.
فبينما تحدث السيسي عن الشعب الذي يحتفل بالانتصار والاستقلال قاصد الإسرئيليين في ذكرى النكبة، وشرب وزير خارجيته مع نيتنياهو نخب العلاقات الدافئة، يتم انتهاك أبسط حقوق معتقلي الأرض في سجن طرة، فيحبس مالك عادلي المحامي الحقوقي الذي رفض تسليم الأرض إلى آل سعود في “قبر انفرادي اتنين فى تلاتة متر .. زنزانة فاضية تمامًا إلا من بطانيتين وليس مسموحا له بالخروج منها للتريض.”، وفقا لزوجته أسماء، ويجدد حبس صديقنا الصحفي عمرو بدر 15 يوم للمرة الثالثة بسبب دفاعه عن نفس القضية.

زوجة مالك عادلي قال في تصريحات صحفية أن “حالة زوجها الصحية بتسوء للغاية، وضغطه بيرتفع دائما بسبب الحر الشديد، وسوء تهوية الزنزانة والرطوبة العنيفة والنوم على البلاط، وهو ما أصابه بالإجهاد والإعياء وآلام الظهر، و فشلت كل المحاولات بالتحايل وبالشكاوى والبلاغات فى تطبيق لائحة السجون”، لكنها أكدت أن حالته المعنوية مرتفعة ومتمسك بالدفاع عن قضيته ، وهو ما كررته أسرة بدر.

لم يكسر السجن المناضلان بدر وعادلي وغيرهما من شباب الأرض، و لم يندم هؤلاء على مواقفهم المنتصرة لقيم الحرية والعدالة والمساوة والاستقلال، رغم الظروف السيئة المحيطة بهم.

ستنبت هذة الأرض الآلاف من المتمسكين بحقوقهم وأحلامهم في بناء الدولة، مهما فرطت أنظمة “أشباه الدولة” وتنازلت وأستأسدت على هذا الجيل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف