في كل الأزمنة يبحث الشباب عن قدوة. وعن مثل أعلي يقلدونه في أفكاره. وطريقة كلامه. وحتي في مظهره.. لذلك لا تتعجبوا في زمن العشوائيات أن يكون الشاب "الصايع" الذي لا يعترف بالقانون. ويأخذ حقه بيده. ويتفوه بألفاظ غير مفهومة. ويشرب المخدرات مثل الشاي. ويحلق شعره مثل الخروف. هو الأسطورة.
العشوائيات ليست مجرد مكان. ولكنها ثقافة وأسلوب حياة.. شباب هذه المناطق ينقسمون إلي قسمين رئيسيين.. القسم الأول: هو الذي يتجه إلي الدين بتطرف. ولا يجد من يصحح له مفاهيمه. فيصبح تربة خصبة لجماعات التطرف والإرهاب.
القسم الثاني: يتطرف أيضاً. ولكن في الاتجاه المعاكس. فيتعاطي المخدرات بكل بساطة. ولا يعترف بالقانون. ويتباهي باستخدام مفردات لغوية غير مسبوقة. وتسريحات شعر غريبة. وملابس مميزة تحمل عبارات لا يفهمها. ولا يريد أن يفهمها. ومستعد لارتكاب أي معصية أو جريمة.
القسمان يشتركان في أنهما من نتاج العشوائيات. وأنهما يشعران بالسخط علي المجتمع. وعلي الدولة التي تركتهم ينشأون في بيئة لا تتوافر فيها أدني مقومات الحياة الإنسانية. ولا الخدمات. وأنهم بلا مستقبل. فلن يكونوا وكلاء نيابة. ولا ضباط شرطة. ولا أساتذة جامعات. وأقصي أحلامهم امتلاك تاكسي أو توك توك. أو محل بقالة.
العشوائيات هي الخطر الأول علي مصر. ولكننا للأسف نتعامل معها بالمنطق الأمني فقط. وبمحاولة تقديم المساعدات الخيرية. وأقصي ما نتمناه هو تطوير العشوائيات.
أظن أننا تخطينا مرحلة تطوير العشوائيات. وأن الأسلوب الأمثل الآن هو إزالة العشوائيات تماماً. ومثلما حدث في حي الأسمرات بالمقطم. لكن ذلك يتطلب جهوداً جبارة. ومبالغ ضخمة. لا يمكن تركها للصدفة. أو للجهد الشخصي لمسئول أو عدة مسئولين.
العشوائيات تحتاج إلي خطة متكاملة. علي عشر سنوات مثلاً. وأن تكون هناك وزارة مختصة لهذا الملف. وتُعْطَي كل الصلاحيات. حتي نبدأ في تصحيح مسار شباب لا يجد أمامه قدوة إلا شاب صايع يطلق علي نفسه الأسطورة.