المستشار عبد العاطى الشافعى
حديث هامس إلي وزير الموارد المائية والري
ولما كان الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري يتميز بعلمه وخبراته.. وإيمانه وإخلاصه وتفانيه في عمله مما أصبح معه هو الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب.. إنه يتميز كذلك بدماثة الخلق والتواضع والهدوء والوقار والحياء.. فقد آثرت أن يكون حديثي هذا معه هادئاً رصيناً فيما يشبه الهمس وعلي النحو التالي:
"1" : فإنني مما تعودت عليه ألا أهنئ وزيراً بوزارته.. لأن الوزارة في هذا العصر وزر ينقض الظهر.. وأن من يكلف بالوزارة لا يستحق التهنئة بقدر ما يستحق التعاطف والإشفاق.. لأنه يتحمل بمسئوليات ثقال.. تنوء بها العصبة أولو القوة من الرجال.. إلا أن وزير الموارد المائية هو المعني دستورياً وقانونياً وفعلياً بشئون نهر النيل وأنني أحمل مثله هموم النهر الخالد.. وأحزن لما يعانيه النهر من ظلم ثقيل شر وبيل.. وأنني مثله يُقض مضجعي.. ويخاصم النوم مخدعي إذا رأيت تعدياً علي نهر النيل أو شاهدت مصدراً لتلويث مائة أو إهدارها أو استخداماً جائراً لها.. فقد رأيت أن أوجه له رسالة خطية "عبر الفاكس الخاص بمكتبه" بدأتها بتهنئته علي الثقة الغالية.. ثم ثنيت بما أتمناه من تكثيف لرعاية وصيانة وحراسة نهر النيل.. ومواصلة قوية للحملة القومية لإنقاذ النيل.. سيراً علي نهج القائد المنقذ الرئيس عبدالفتاح السيسي.. ثم أنهيت رسالتي بالدعاء له بالتوفيق لخدمة الوطن العزيز.. ومن أسف أنني لم أتلق رداً علي رسالتي امتثالا لأمر الله تعالي: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها".. لم أتلق رداً مجرد رد للتحية غير طامع فيما هو أحسن منها.. وذلك لمجرد التأكد من وصول الرسالة إلي سيادته.. هذه مجرد همسة عتاب.. وكما يقولون: "ويبقي الود ما بقي العتاب".
"2" : كنت أتوقع أن يواكب بداية تولي السيد الوزير مسئولياته الجسام صدور بيان للتأكيد علي وثيقة الحملة القومية لإنقاذ نهر النيل التي أعلنت في 5 يناير 2015 من العام الماضي.. هذه الوثيقة التي وقعها وأعطي لها مشروعيتها القوية الرئيس عبدالفتاح السيسي والتي تضمنت الالتزام بالحفاظ علي نهر النيل ومنع التعديات عليه وتجفيف منابع تلويثه وترشيد استخدام مياهه "تلك الوثيقة التي سنتعرض لها تفصيلا فيما بعد".. وأن يتضمن هذا البيان خطة زمنية لإتمام إزالة التعديات وتجفيف جميع وسائل تلويث منابع النهر وترشيد استهلاك مياهه.. لنتذكر مع هذا البيان ونستذكر مسئولية الكافة والتزامهم حكاماً ومحكومين برعاية شريان حياتهم.. ومصدر كل خيراتهم.
"3" : ان من بين الظواهر السلبية التي تسود مجتمعنا.. هي مواجهة المشكلات.. والتصدي للقضايا المصيرية لإقامة الندوات وتنظيم المؤتمرات.. وربما الاحتفال بتوقيع مذكرات التفاهم والبروتوكولات.. واطلاق الخطب الحماسية والعبارات المنمقة البلاغية.. ويكون ذلك في الغالب مصحوباً بالضجة الإعلامية.. والفقرات الإعلانية.. والحوارات التليفزيونية.. والتحقيقات الصحفية.. مع أن مثل هذه المشكلات وتلك القضايا لا تحتاج إلي ذلك كله وإنما تحتاج إلي العمل الهادئ المتواصل الجاد.. الذي يخاطب وجدان المواطنين.. ويعطيهم جرعات وافية من الثقافة والشعور بالمسئولية والتوعية.. وأن الحفاظ علي نهر النيل وتجفيف منابع تلويث مياهه ومنع الاستخدام الجائر لها يحتاج في المقام الأول إلي التوعية ونشر الثقافة المائية ليدرك كل مصري صغيراً أو كبيراً أن نقطة الماء هي أصل حياته وسبب استمرار هذه الحياة وأن التفريط فيها أو تلويثها هو إهدار هذه الحياة.. ان الحفاظ علي نهر النيل ليس مسئولية السلطتين التشريعية والتنفيذية وحدهما.. وإنما هو مسئولية مباشرة تقع علي عاتق المواطنين جميعاً.. ودون استثناء.. وأن هذه المسئولية لا تنشأ ولا تترسخ ولا تستقر إلا بالوعي والثقافة.. هذا ما أدركته وأمنت به جمعية حراس النيل منذ تأسيسها عام ..1997 "وسنتعرض لمناسبة تأسيسها فيما بعد" فأعددت مشروع الحملة القومية لنشر الثقافة المائية والبيئية ووجهته منذ أوائل هذا القرن "الحادي والعشرين" ووجهته عدة مرات إلي وزارة الموارد المائية والري وكذلك وزارتا شئون البيئة والزراعة.. وبالفعل استجاب العالم الجليل الدكتور محمود أبوزيد وزير الموارد المائية والري الأسبق بفكرة هذه الحملة القومية.. وأصدر قراراً وزارياً بإنشاء اللجنة العليا لنشر الثقافة المائية برئاسة سيادته وعضوية جميع الوزارات والهيئات المعنية وجمعيات المجتمع المدني ممثلة في جمعية حراس النيل.. إلا أن ميزانية الوزارة آنذاك عجزت عن الإسهام في تنفيذ هذه الحملة وقبل ذلك أصدر السيد الوزير قراراً وزارياً بتشكيل "اللجنة العليا لأخلاقيات استخدام المياه العذبة للمنطقة العربية مشكلة من العلماء والخبراء المتخصصين" "وكذلك جمعية حراس النيل".
وللحديث بقية بإذن الله تعالي